التطرف الديني: تحديات التعايش والتعليم

مع تزايد انتشار التطرف الديني حول العالم، أصبح من الضروري فهم جذوره وتداعياته على المجتمعات. هذا الظاهرة المعقدة تتغلغل عبر مجموعة متنوعة من الوسائل،

  • صاحب المنشور: نصار الحمودي

    ملخص النقاش:
    مع تزايد انتشار التطرف الديني حول العالم، أصبح من الضروري فهم جذوره وتداعياته على المجتمعات. هذا الظاهرة المعقدة تتغلغل عبر مجموعة متنوعة من الوسائل، منها التعليم والميديا والثقافة الاجتماعية. هنا نحاول استكشاف كيف يمكن للتطرف الديني أن ينتشر وكيف نستطيع مواجهته وبناء تعليم أكثر شمولاً واحتراماً للتنوع الثقافي والديني.

**جذور التطرف الديني:**

يُعتبر الفقر، البطالة، وعدم الوصول إلى الفرص التعليمية الجيدة عوامل مساهمة رئيسية في تغذية التطرف الديني. عندما يشعر الأفراد بالإقصاء الاجتماعي والإحباط الاقتصادي، قد يجدون الراحة والأمل في رسائل الخطاب المتطرفة التي توفر لهم الشعور بالانتماء والشعور بالأهمية. بالإضافة إلى ذلك، سوء فهم الدين نفسه أو تشويه بعض الأجزاء منه بواسطة جماعات متطرفة يستخدم كأداة لتأليب الناس ضد الآخرين تحت غطاء "الصالح العام" أو "العدالة".

**تأثير التعليم على نشر التطرف:**

دور التعليم مزدوج الوجه. فمن ناحية، يمكن استخدام المناهج الدراسية لإرساء قيم السلام والتسامح وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة. لكن من الناحية الأخرى، إذا لم يتم تدريب المعلمين بشكل صحيح ولم تكن المواد المقدمة محايدة وغير متحيزة دينياً أو سياسياً، فقد يعزز ذلك بيئة مثالية لنشوء أفكار متطرفة ومتشددة.

على سبيل المثال، دراسات حديثة أظهرت وجود ارتباط كبير بين ارتفاع معدلات الأمية وفكرة الانجراف نحو التطرف الإسلاموي لدى الشباب المسلم تحديدًا. بدون فهم عميق للدين وللحياة خارج دائرة معتقداتهم الخاصة، هؤلاء الشباب يصبحون أرضاً خصبة لنمو الأفكار المتطرفة الصادرة من القادة الروحيين ذوي السمعة المشبوهة والذي يسوقون خطاب الكراهية باسم الدفاع عن العقيدة الإسلامية الصحيحة كما يدعونها.

**مقاربات فعالة لمواجهة التطرف:**

  1. تعليم شامل: التركيز على تقديم تعليم عام جيد يتضمن دروساً حول تاريخ وقيم مختلف الأديان والثقافات. هذا يساعد الطلاب على فهم وجهة نظر الآخرين ويقلل احتمالات الاستقطاب العاطفي الذي غالبًا ما يؤدّي إليه الازدواجية المعرفية (أي الاعتقاد بأفكار متناقضة).
  1. إعادة النظر في المحتوى المدرسي: مراجعة كتب التاريخ والقضايا الأخلاقية لضمان عدم تضمين محتوى يحضّر للأفكار المتطرفة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وهذا يشمل أيضا تطوير مواد دراسية جديدة تلقي الضوء على جوانب الإصلاح والحكمة داخل كل دين.
  1. تشجيع النقاش المفتوح: خلق فضاء أكاديمي يسمح بنقاش مفتوح وموضوعي حول المواضيع المثيرة للجدل مثل دور النساء، العلاقات الدولية وما شابه. هذه البيئات المحفزة للحوار تساهم بتوسيع مدارك الطلاب وتحميهم من الوقوع في براثن الجماعات المتطرفة الخارجة عن القانون والتي تقدم حلولا مبسطة للمشكلات المعقدة بحجة اتباع الطريق المستقيم حسب اعتقادها الخاطئ.
  1. برنامج معلم متوسط: وضع برنامج متخصص لتأهيل المدربين والمعلمين الذين سيقومون بتوصيل المعلومة للقراء الصغار والكبار سواء كان الأمر متعلقا بالعلاقات العامة أو بمبادىء الدين والفلسفة الإنسانية الأساسية. البرنامج يجب أن يتضمن الجانب النفسي والعاطفي كذلك لأنه يلعب دوراً مهماً فى ترسيخ المعلومات الجديدة وطرق تفكير معينة بعيدا عن المؤثرات الخارجية ذات البعد السياسى والدينى السلبي خاصة تلك التابعة للجماعات الرجعية المنغلقة عقليا وعاطفيا تجاه الآخر المختلف ثقافيا وأيديولوجيا عنها .

هذه مجرد بداية رحلة طويلة وصعبة هدفها تحقيق مجتمع عالمي آمن وسلمي ومعترف بثراءاته الثقافية والفكرية حيث يعيش الجميع جنبا إلى جنب بأمان ودون خوف ولا افتراق ولا تخوين للاختلاف .


يزيد الدين الجبلي

16 مدونة المشاركات

التعليقات