في رحاب الشعر العربي الخالد، تحتل أشعار اللقاء مكانة مرموقة باعتبارها انعكاساً عميقاً لمشاعر الحب والعاطفة التي يجود بها قلب الشاعر. هذه القصائد ليست مجرد أبيات رقيقة، بل هي شهادات مؤثرة تعبر عن تعقيدات العلاقات الإنسانية وتنوع مشاعرهـا المتدفقة. إن لقاء المحبوب هو لحظة فارقة تُثير بحاراً من المشاعر لدى الشاعر، وهو ما يُظهر ذاته بشكل واضح عبر استخدام اللغة البلاغية والأوصاف الحسية والرمزيات الفنية.
من أشهر نماذج ذلك الأبيات الشهيرة لعمرو بن كلثوم التي يقول فيها مخاطباً زوجته: "أرى الناس قد حجوا وذو ليلى... وقد خابوا وخابت حجتهم". هنا يعبّر الشاعر عن اشتياقه وحنينه للمحبوب بطريقة رمزية، مستخدماً صورة الحج كمصدر للحزن والشوق عندما يفوت فرصة لقائه. وبالمثل، يُبدع ابن زيدون في قصيدة "أنا يا محبوبة القلب إليك"، حيث يستخدم الصور الطبيعية مثل النسيم الرقيق والمياه الصافية لإيصال مدى عشق قلبه لها.
وفي عصر النهضة العربية الحديثة، نجد أيضاً أعمال كبار شعراء الغزل الحديثين الذين استلهموا نفس الموضوع ولكن بأسلوب أكثر حداثة. مثلاً، ينقل محمود سامي البارودي مشاعره تجاه محبوبته بفكرة الوحدة والتشتت، كما ورد في قصيدته "أنا لا أنا ولا أنت": "ولا أنتِ إلاّ نورٌ خلّيت لنا...". هذا النوع من العاطفة والمعنى الغامض يعكس تأثير الفن الرومانسي الأوروبي على الشعر العربي آنذاك.
ليس فقط العرب القدماء والحداثيون هم من تألقوا بهذا النمط من الشعر؛ فقد تبنت العديد من الثقافات الأخرى حول العالم فكرة الأشعار المرتبطة بموضوع اللقاء والحب. فهي تنتمي إلى تراث عالمي للإنسانية يشترك الجميع فيه ويتفاعلون معه بكل تفاصيله الجميلة.
إن دراسة أشعار اللقاء تكشف لنا عمق الجمال والإبداع اللذَين يمكنهما الوصول إليهما عبر التأمل في قوة العلاقة بين البشر وعلاقتهم بشركائهم ومحيطهم الاجتماعي والثقافي. إنها دعوة للتأمل في عظمة الإنسان وأثر العلاقات الشخصية عليه.