قناة السويس القديمة: رمز للتواصل العالمي ورأس مال التجارة الدولية

كانت قناة السويس منذ إنشائها قبل أكثر من قرن ونصف نقطة تحول رئيسية في تاريخ النقل البحري والتجارة العالمية. يمتد هذا المشروع الهندسي العملاق لمسافة ١٩

كانت قناة السويس منذ إنشائها قبل أكثر من قرن ونصف نقطة تحول رئيسية في تاريخ النقل البحري والتجارة العالمية. يمتد هذا المشروع الهندسي العملاق لمسافة ١٩٣ كم عبر جمهورية مصر العربية، ويتيح لها الربط المباشر بين البحرين الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مما اختصر بشكل كبير مدة رحلات عبور القارات للأوعية التجارية والسفن الحربية على حد سواء.

أثناء الحرب الفرنسية ضد الدولة العثمانية في مطلع القرن التاسع عشر، قدم نابليون بونابرت أول تصورات لقناة تربط بين هذين البحرين الاستراتيجيين. ومع ذلك، فإن الرجل الذي نفذ الرؤية كان دي لسبس تحت رعاية الخديوي سعيد باشا في العام ١٨٥٤م. وقد جمعت حملته الوطنية والدولية تمويل هائل سمحت بإنجازه خلال أقل من عقد واحد - مساهمة مباشرة من الشعب المصري جعلت منه مشروعاً وطنياً بامتياز.

وفي يوم الاثنين الموافق ٢٦ نوفمبر/تشرين الثاني عام ١٨٦٩ميلادية, شهد العالم حدثًا مهيبًا بمشاركة وفود رسمية وشعبية واسعة بدءًا من الأوروبيين والعرب والمصريون الأصليون – حتى الأطفال منهم - الذين حشدوا لاستقبال الشخصيات البارزة والمعروفة عالميًا والتي وصل عددهم بحلول وقت الاحتفالات الرسمية لما يقارب ألفي شخصية بارزة قادمين خصيصا للمشاركة في مراسم التدشين التاريخي للقناة الجديدة التي ستغير مجرى الاقتصاد والجغرافية السياسية لكوكب الأرض بقوة غير متوقعة حينذاك!

وتتمثل أهميتها الرئيسية في كونها أقصر طريق ملاحي مباشر يصل بين قارّتي إفريقيا وآسيا؛ أي أنه يمكن لنحو خمس وخمسين سفينة تجارية مرورًا بالقناة الوصول إلى وجهتها النهائية بعد حوالي ثلاثة أسابع تقريبًا- وهو ما يعد نصف الوقت اللازم عادة لو تمت زيارتها لأحد منافذ الحمولات البديلة مثل رأس الرجاء الصالح والذي تستغرقه الرحلة لمدة قد تتراوح بين سته وستة اسبوع حسب الظروف المناخيه المُختلفة . إنها إذن بوابة الانصهار الثقافي والحضاري التي تجمع البشر حول هدف مشترك هو تبادل المنتوجات والثقافات المختلفة لتشكيل مجتمع بشري متنوع ومندمج يؤكد عليه وجود تلك المعابر الطبيعية لتحقيق مصير قضى به جلوسنا سويا هنا اليوم نتشارك نتائج عمل الاجداد فى بناء جسورا تنمو مع الزمان وتتشكل ابداعات جديدة تأخذ بتلابيب المستقبل نحو افاق ربما لم يكن بوسع عقول الدهر القديم ابتكار نظائر مشابهه لها ! ولكن يبقى لنا دوما درس هام مفادها انه عندما نتوحد خلف قضايانا المغتبطة بالعزائم يصير مستحيل الامس امكانيات الغد بدليل نجاح اعظم حلم بشرى رغم تحديات عصره  العصور ..


طيبة المزابي

12 بلاگ پوسٹس

تبصرے