لم يكن طريق نجيب محفوظ نحو الفوز بجائزة نوبل في الآداب مفروشًا بالورود، لكن إصراره على نقل الواقع المصري بكل تفاصيله وإتقانه للأسلوب الأدبي جعل منه واحداً من أهم الكتاب العرب وأحد أكثر الأعمال شهرة عالمياً. ثلاثة عقود من الابداع المتواصل كانت شاهدة على موهبته النادرة والتي استحقت الاعتراف الدولي.
ولد نجيب محفوظ سنة ١٩١١ لعائلة مصرية محافظة, عاش طفولة مليئة بالإثارة والأحداث اليومية, ما أثّر بشكل كبيرعلى رؤيته للحياة وتمظهراتها المختلفة لاحقا في كتبه. هذا التأثر الواضح بالحياة المحلية لم يكن فقط مصدر إلهام له بل أيضا بوابة لإدخال قضايا المجتمع المصري والخليجي للعالم الخارجي عبر قصصه وروايته الدقيقة والصادقة.
كان نموذجا فريدا في استخدام اللغة العربية لتوصيل الأفكار المعقدة بطريقة بسيطة ولكن عميقة تلامس القلب قبل العقل. وقد ظهر تأثره بالنماذج الغربية واضحة في بداية مشواره عندما ترجم أعمال بوليسية وغربية وأخرى أدبية مما ساعد في توسعة مداركه ومعرفته بالعالم الثقافي العالمي.
ومع مرور الوقت، طور محفوظ أسلوبا خاصّا به جمع بين الصدق الفني والجدية السياسية. تناوله لقضايا اجتماعية واقتصادية ودينية في فترة عصيبة تاريخيا -الحكم الملكي والحكم الناصري– يعكس ذكاؤه وحساسيته تجاه الحرية والكرامة الإنسانية. كما أنه قد قدم رؤية منعكسية حول طبيعة الإنسان وأفعاله تحت الضغط الاجتماعي والثقافي وهو جانب مهم تميز بها أعماله عن نظائرها.
ومن أبرز أعماله "رادوبيس"، "الأيام"، "الثلاثية": "بين القصرين"، "قصر الشوك"،"السكرية". تُعد روايتيه الأخيرتين نقطة تحول هامة في حياته العملية إذ اكتسبتا شعبية واسعة محليا وخارجيًا. أما رواية "الطريق"، فهي خروج مميز عنه حيث كتب فيها بصيغة الشخص الثالث وليس الأولى، وهي تعتبر علامة بارزة أخرى تركتها ثروته الكتابية وراءها.
حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأداب سنة ١٩٨٨ تقديرا لمساهماته الأدبية الهائلة التي نقلت صوت الشرق للقارئ الغربي وساعدت بفهم أفضل للشأن العربي داخل حدود الوطن العربي نفسه وفي جميع أنحاء العالم الآخر.