معروف الرصافي، أحد رواد الأدب الحديث والشعر العربي الرفيع، ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الثقافة العربية. وُلد عام 1875 في مدينة بغداد بالعراق، وهو اسم يُذكر دوماً عند الحديث عن العصر الذهبي للشعر العربي. كان لوالده الشيخ محمد بن علي بن أبي الحسن تأثير كبير عليه؛ فقد نشأ في بيئة أدبية غنية تعلم فيها حبه للأدب منذ طفولته المبكرة.

تلقى الرصافي تعليمه تحت إشرافٍ دقيق وشديد الصرامة من قبل والده الذي حرص على تزويده بالعلوم الدينية والفلسفية بالإضافة إلى اللغة العربية التي كانت أساس دراسته. هذه الجذور المتينة مهدت الطريق لنبوغه المستقبلي وأثرت بشكل عميق في شعره لاحقاً.

يتميّز شعر الرصافي بتنوع المواضيع والقضايا الاجتماعية والفكرية والإسلامية التي طرحها بطريقة فنية عالية وبلاغية ساحرة. تناول العديد من القضايا المجتمعية مثل الفقر والجوع والحكومة والاستعمار مما جعل شعره ليس فقط فناً جميلاً وإنما رسالة أيضاً. كما عبّر بشدة ضد السياسات الاستعمارية الفرنسية والبريطانية خلال فترة وجودهما في العراق.

ومن أشهر أعمال الرصافي "ديوان معروف"، والذي يضم مجموعة كبيرة ومتنوعة من القصائد التي تنوعت بين الغزل والنسيب والمجون والرثاء والمدائح وغيرها الكثير. تتسم معظم أعماله بالإنسانية والتسامح والدعوة للتغيير نحو الأفضل. وقد اشتهر بشخصيته الوطنية والعروبية الواضحة والتي تجلت بقوة في أسلوبه الشعري.

على الرغم من أنه عاش حياة متعثرة مليئة بالتحديات والصعوبات إلا أنها لم تثنِ عزيمته ولم تسلب منه روح الإبداع والثورة الفنيّة. استمر حتى نهاية حياته في كتابة الشعر وتعليم الجيل الجديد معنى الفن الحقيقي وكيف يمكن للكلمة أن تغير العالم وتترك أثراً دائماً فيه. توفي معروف الرصافي عام 1945 تاركاً خلفه تراثاً أدبياً ثرياً شكل جزءاً مهماً من التاريخ الثقافي للعالم العربي.