- صاحب المنشور: أنيسة المزابي
ملخص النقاش:في السنوات الأخيرة، أصبحت زيادة الضرائب موضوعًا مثار جدل كبير بين خبراء الاقتصاد والسياسيين حول العالم. يرى بعض المحللين أن رفع معدلات الضريبة يمكن أن يساعد الحكومات في تعزيز خدماتها العامة وتحقيق التوازن المالي، بينما يشعر آخرون بالقلق بشأن تأثير ذلك السلبي المحتمل على القوى الشرائية للطبقات المتوسطة ونمو الاقتصاد ككل.
تقع الطبقة الوسطى عادة ضمن شريحة الدخل الأكثر استقراراً وقدرة على الإنفاق الاستهلاكي، مما يجعلها العمود الفقري لأي اقتصاد مزدهر. عندما ترتفع مستويات الضرائب التي تفرض عليها، قد يتوجب عليها خفض نفقاتها اليومية أو حتى الادخار أكثر لتغطية هذه الزيادة. هذا التأثير المباشر يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات، وهو ما يعرف بانكماش السوق. وقد يشهد التجار ومزودي الخدمات انخفاضا في إيراداتهم بسبب تباطؤ نشاط المشترين.
تأثيرات غير مباشرة
بالإضافة إلى الانعكاسات الفورية، هناك تأثيرات أخرى طويلة المدى لزيادات ضريبية كبيرة. فقد تستجيب العديد من الشركات بتعديل أجور موظفيها أو تقليص حجم قوتها العاملة لتغطية تكاليف التشغيل المرتفعة. وهذا يمكن أن يتسبب في ارتفاع معدل البطالة، خاصة إذا لم تكن هناك فرص عمل جديدة متاحة للمستغنى عنهم. بالإضافة لذلك، قد تدفع الجهات المصدرة للشغل نحو نقل أعمالها خارج البلد الذي ارتفعت فيه التعريفات الجمركية، بحثاً عن بيئات تجارية أكثر جاذبية.
من جهة أخرى، تشدد حكومات عديدة على ضرورة استخدام الإيرادات الإضافية لتحسين البنية التحتية، التعليم والصحة وغيرها من القطاعات الحيوية. ولكن كيف يتم تحديد الأولويات وتخصيص الأموال بطريقة فعّالة؟ إن عملية سوء إدارة الموارد المالية ليست مجرد احتمالية بعيدة الاحتمال؛ بل إنها حدث يحدث بالفعل في كثير من الأحيان، حيث تصرف أموال الضرائب الجديدة في مشاريع غير ذات أهمية قصوى أو تُوجه بطرق أقل فاعلية مقارنة بأنظمة تمويل الدولة التقليدية.
وفي نهاية المطاف، فإن القرار النهائي فيما يتعلق برفع مستوى الضرائب يعود للأولويات السياسية لكل دولة وأدائها الحالي والمأمول للاقتصاد الوطني. وبينما يوجد نقاش حيوي بشأن العلاقة الديناميكية المعقدة بين الزيادة في الضرائب والتطور المستقبلي للدولة - سواء من الناحية الاجتماعية أو البيئية أو الثقافية أيضًا - يبقى الأمر محسورا على مدى قدرتها على تحقيق توازن دقيق بين الاحتياجات المالية لحكومة الدولة والاستدامة الاقتصادية للسكان الذين تهدف السياسات إلى خدمة مصالحهم.