كان اكتشاف المجهر الإلكتروني نقلة نوعية في مجال علم الأحياء والفيزياء وعلم المواد. يرجع الفضل بشكل أساسي إلى Ernst Ruska، العالم الألماني المكافح الذي ابتكر أول مجهر إلكتروني فعال عام 1931. كانت هذه الخطوة الرائدة نتيجة سنوات من البحث والتجريب، مستندة إلى فهم عميق لمبادئ الفيزياء الكهربية والإشعاع الالكتروني.

كانت فكرة استخدام الأشعة الإلكترونية كوسيلة لتكوين صور بدلاً من الضوء البصري موجودة منذ فترة طويلة قبل عمل روسكا. فقد اقترح عالم الفيزياء البريطاني فيرنر هايزنبرغ لأول مرة هذا الاحتمال في الثلاثينيات. لكنه كان روسكا، بالتعاون مع ماكس نوردييج، الذين حوّلوا النظرية إلى واقع ملموس.

بدأ العمل الرئيسي لروسكا عندما بدأ دراسته في جامعة فرانكفورت تحت إشراف هيرمان اوبيرستالر. هناك، طور نظام تصوير مبكر باستخدام الأشعة الإلكترونية والذي قدم دقة أعلى بكثير مما يمكن تحقيقه بالمجاهر الأنبوبية التقليدية. ومع ذلك، فإن الجهد الحقيقي جاء عندما تولى زمالة بحثية في جامعة برلين للتكنولوجيا حيث قام بتطبيق نظريات الأجهزة المتقدمة التي طورتها مجموعة متنوعة من العلماء بما فيها تلك الخاصة بمابيل واوين وفرانسيس بيكاردت جونسون حول الفوتونات وثنائيات الصمامات الثنائية.

بعد تجارب كثيرة واجتياز العديد من العقبات التقنية مثل مشكلات التصوير وتوزيع الطاقة في العينات، تم بناء المجهر الإلكتروني الأول الناجح بواسطة فريق روسكي ونوردييج في عام 1932. وقد حقق هذا المجهر دقة تصل إلى حوالي 2 نانومتر - وهو أمر مذهل عند المقارنة بالأداة الأكثر تقدمًا آنذاك والتي بلغت دقتها 200 نانومتر فقط. وقد فتح هذا الاكتشاف آفاق جديدة تماماً أمام الدراسات العلمية الدقيقة للأنسجة الخلوية والبنى البيولوجية الصغيرة الأخرى التي لم يكن بوسع المجاهر القديمة رؤيتها سابقاً.

وقد أدى اختراع المجهر الإلكتروني إلى ثورة في مختلف جوانب العلم الحديث خاصة فيما يتعلق بفهم بنية الخلايا والكائنات الحية الصغيرة والحبيبات المعدنية وغيرها الكثير. إنه شهادة رائعة على قوة التفكير الإبداعي والشغف بالمعرفة لدى الإنسان لتحقيق المستحيل وتحويل الأفكار النظريّة إلى أدوات عملية تغير وجه التاريخ العلمي.