يُعتبر خبر الآحاد، عند الحنفية، أحد أهم مصادر التشريع الإسلامي، لكن مع وجود قيود معينة على قبوله. وفقًا لأصولهم الفقهية، فإن خبر الآحاد، أي الحديث الذي لم يصل إلى درجة التواتر ولا الشهرة، يجب أن يُقبل إذا كان صحيحًا، أي رواه عدل تام الضبط متصل السند، غير معلٍّ ولا شاذ. ومع ذلك، هناك شرط مهم يجب مراعاته: لا يمكن قبول خبر الآحاد إذا كان مخالفًا لنفس الأصول.
بموجب هذه القاعدة، رد الحنفية العديد من الأخبار والسنة الصحيحة بدعوى مخالفتها للأصول أو القياس. على سبيل المثال، رفضوا بعض الأحاديث التي تتعلق بالزكاة والصدقة، بحجة أنها تتعارض مع أصولهم في حساب النصاب والحد الأدنى للزكاة. كما رفضوا بعض الأحاديث المتعلقة بالطهارة والوضوء، بحجة أنها تتعارض مع أصولهم في تحديد مفهوم النجاسة والطهارة.
ومع ذلك، يجب التنويه إلى أن الحنفية لم يرفضوا جميع الأخبار الصحيحة التي تتعارض مع أصولهم. فقد قبلوا بعض الأحاديث التي تتعارض مع أصولهم في حالات معينة، مثل عندما يكون هناك دليل قوي آخر يدعمها أو عندما يكون هناك حاجة ملحة لقبولها.
في الختام، يمكن القول إن خبر الآحاد عند الحنفية له مكانة خاصة في التشريع الإسلامي، لكن قبوله مقيد بشرط عدم مخالفته للأصول. هذا الشرط يجعل من مهمة الفقيه الحنفي دراسة الأحاديث بعناية لتحديد مدى توافقها مع أصولهم الفقهية.