تعد آية الكرسي واحدة من أهم الآيات القرآنية التي تحمل في طياتها رسائل عميقة حول توحيد الله عز وجل وبُعد سلطانه وعظمته. لقد أكدت السنة النبوية الشريفة على مكانة هذه الآية العظيمة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم آية في كتاب الله هي آية الكرسي". وهذا يعكس الجوهر الثمين والمعرفة الغامضة التي تحويها هذه الآية الفريدة.
تنبع عظمتها من أنها تشمل جوانب مختلفة من العقيدة الإسلامية، بما في ذلك الإخلاص لله ودينه الحقيقي، بالإضافة إلى ذكر بعض صفاته الجميلة كالرحمة والعزة والقوة والحكمة. كما تؤكد الآية على فردانية رب العالمين ومكانة الكرسي بين أصناف خلقه. إنها تعزز فكرة أنه لا ينبغي لأحد أن يشفع لدى الله إلا برضا منه وإرادته. ويتضح أيضًا تفرد معرفته بالمستقبل والمحيط بكل شيء حتى التفاصيل الدقيقة لكل قلب بشري. وفي الوقت نفسه، فهي تنطق بالعظمة الهائلة للكرسي الذي اتسعت مساحة سمائه للأرض، مما يدعونا للتأمل في قدرة خالق هذا الوجود الواسع.
ليس فقط لأنها تحتوي على مثل تلك المعاني العميقة، بل أيضاً بسبب الفضل الكبير لقراءتها ورددتها حسب السنة المطهرة. فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من يحافظ على قراءة آية الكرسي عقب كل صلاة مكتوبة سيضمن لنفسه دخول الجنة إن شاء الله. فضلاً عن دورها المحوري كموقد لحماية المؤمن من براثن إبليس عند قراءتها قبل النوم، وقد ثبت نجاعتها في صد عين الشر والسحر وغيرهما من الضرر الروحي. وهكذا تمثل هذه الآية مصدر ارتياح نفسي وطمأنينة روحية لأصحابها الذين يستشعرون قرب الرحمن جل وعلى وحفظاته لهم.
وفيما يلي محاولة لتوضيح بعض معاني وآثار آية الكرسي بشكل أكثر شمولاً:
۱ـ التأكيد على الوحدانية والإلهية الخاصة بالله سبحانه وتعالى تجاه البشر كافة.
۲ـ بيان كون الملك والسلطان والحكم بيده تعالى وحدَه وليس هناك مشاركة له فيه مطلقاً.
۳ـ عدم قبول أي نوع من أنواع الوسائط الوسيطة للشفاعة أمام الذات الربانية بدون موافقته أولاً.
۴ـ شمول العلم الإلهي لكل شيء موجود حالياً ومتوقع وجوده مستقبلاً مهما قل وزاد مقدار ذلك الشيء بدءا بحركة شعرات رؤوسنا ونهايته بمحيط دربته السحابية أثناء ظهوره يوم القيامة.
۵ـ تخضع خواطر النفوس الإنسانية لكامل ضبط الرقيب المقيم فوق عرش العبودية وهو المعبود واحد دائم الوجود القديم السابق لسائر مخلوقاته بداية الأمر وخاتمة النهايات نهاية العمر انتهى دوره هنا وبعد الموت تستمر حياة أهل البر جهنم النار والمؤمنون رضوان الجنان نتيجة أعمالهم خلال فترة حياتهم الدنيا.
۶ـ ترجمة مصطنعة للكراسي مقارنة بالحجم الباهظ للجبال العملاقة وصغر حجرات المساجد بالنسبة لمسافة المركز الأرضي فالكل يخضع له ويجب اعتباره رمزاً للعظمة الزائدة بنسبة مئوية غير معروفة لكن يؤخذ منها أن السياق العام لوصف المقام يفسر بأن صاحب المنصب الأعلى منزلة وكراً أعلى قدراً يتمتع بصفتَيْ قوة الملك دوماً وفي ذات الوقت رحمة الرحمان دائمة المدى بلا تغيرات تزعزع استقرار نظام حكمه المثالي الأمثل وفق مشيئة ذاته المقدسة علاه واستحقاقه حقاً! لذا نجد الدعاء التالي وارد أيضاً ضمن دعوات المسلمين اليومية: 'ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.'