سورة الحجرات، سورة مدنية تتألف من ثماني عشرة آية، تحمل في طياتها مجموعة من الأحكام والأدب الرفيع الذي يجب أن يتحلى به المسلمون. هذه السورة تبرز معالم عالم رفيع كريم نظيف سليم، عالم يرتكز على قواعد وأصول ومبادئ ومناهج تهدف إلى تكوين وتنظيم وتربية وتوجيه المسلمين.
تبدأ السورة بتوجيه المسلمين إلى الأدب مع الرسول ﷺ، حيث نهى الله تعالى عن تقديم أي شيء بين يديه وبين الله، وعن رفع الأصوات فوق صوته. كما أكدت على أهمية غض الصوت وعدم التقدم عليه وعدم مناداته بجلافة. وفي هذا السياق، بيّنت السورة أن الذين يخفضون أصواتهم عنده لهم مغفرة وأجر عظيم.
كما تناولت السورة موضوع نداء النبي ﷺ من وراء الحجرات في وقت راحته، حيث حذرت من عدم جواز ذلك وأكدت على ضرورة انتظارهم حتى يخرج إليهم. وفي هذا السياق، شددت السورة على أهمية التحقق من صدق الأخبار قبل قبولها، لتجنب إصابة قوم بجهالة فيصبحوا على ما فعلوا نادمين.
وتطرقت السورة أيضًا إلى موضوع الإصلاح العادل بين الطائفتين المتقاتلين من المؤمنين، حيث أمرت بالصلح بينهما بالعدل والإنصاف، لأن الله يحب المقسطين. كما نهت عن سخرية بعضهم من بعض ذكورًا كانوا أو إناثًا، وعن التعاير بالألقاب، وأمرت باجتناب كثير من الظن.
وفي نهاية السورة، كشفت عن كذب بعض الأعراب في ادعائهم الإيمان، ودعتهم إلى صدق الإيمان لأن الله بهم عليم. كما أكدت على أن الله خلق عباده من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، لا ليتفاخروا بالأحساب والأنساب، فإن أكرمهم عند الله أتقاهم.
بهذا، نرى أن سورة الحجرات تحمل في طياتها مجموعة من الأحكام والأدب الرفيع الذي يجب أن يتحلى به المسلمون، مما يجعلها سورة جليلة ضخمة تتضمن حقائق كبيرة من حقائق العقيدة والشريعة، ومن حقائق الوجود والإنسانية.
