تُعتبر الغدة الصعترية، والمعروفة أيضًا باسم الثيموس، جزءاً حيوياً ومدهشاً من جهاز المناعة البشريّ. تتواجد هذه الغدة بشكل أساسي عند الأطفال والمراهقين وتقع خلف عظمة القص بين الرئتين. رغم أنها تبدأ بالانكماش والتقلص تدريجياً مع تقدم العمر، إلا أنها تلعب دوراً أساسياً خلال مرحلة النمو المبكر.
دور الغدة الصعترية الرئيسي يتمثل في إنتاج الخلايا المسؤولة عن الدفاع ضد الأمراض والأجسام الأجنبية؛ وهي خلايا تي "T cells"، التي تعتبر أحد أنواع الدم البيضاء والتي تقوم بدور رئيسي في الاستجابة المناعية للفرد. يبدأ تأثير الغدة الصعترية بعد الولادة مباشرةً عندما تنبثق فيها مجموعة متنوعة من الخلايا الجذعية تُطلق عليها اسم السلف T cell precursor، والتي تخضع لتغيرات كبيرة لتحويلها إلى خلايا T ناضجة وفعالة.
الخلايا الناضجة المنتجة داخل الغدة الصعترية تسافر عبر مجرى الدم لتعيش وتعمل في مناطق أخرى مختلفة من الجسم. هناك، تعمل كجزء حيوي من الجهاز المناعي، مما يساعد الفرد على مقاومة العدوى والبقاء بصحة جيدة. هذا العمل المتواصل يحافظ على توازن صحي بين الهجوم الخارجي للأحياء الدقيقة الضارة واستجابة الجسم الطبيعية لها.
مع تقدّم السن، تختفي الغدة الصعترية تقريبًا بحلول العقد الثالث من الحياة لدى معظم الأشخاص بسبب العملية الطبيعية المعروفة باسم الانكسار thymic involution. ومع ذلك، حتى بعد اختفاءها جزئيًا، تستمر بعض وظائفها في التحكم بواسطة الأعضاء الأخرى المرتبطة بجهاز المناعة مثل الطحال واللوزتين والنسيج اللمفاوي الموجودة حول الأوعية الدموية.
على الرغم من أهميتها الكبيرة أثناء فترة نمو الطفل، فإن وجود خلل أو اضطراب في عمل الغدة الصعترية نادرة الحدوث وقد يؤدي إلى أمراض متعلقة بنقص المناعة الذاتية أو الحالات الوراثية بإنتاج أقل من المستوى الطبيعي لهذه الخلايا المهمة. لذلك، يُعد فهم كيفية عمل هذه الغدة الصغيرة ولكن القوية خطوة مهمة نحو الصحة المثلى والحفاظ عليها طوال حياة الإنسان.