- صاحب المنشور: زهور العياشي
ملخص النقاش:يواجه العديد من الدول العربية اليوم مشكلة متزايدة وهي البطالة بين الخريجين الجدد. رغم الاستثمارات الكبيرة التي تبذل في التعليم العالي، إلا أن سوق العمل لا يبدو أنه قادر على مواكبة هذه الزيادة في عدد خريجي الجامعات. هذا التناقض يثير تساؤلات مهمة حول فعالية النظام الحالي للتعليم العالي وأثرها المحتمل على الاقتصاد الوطني.
فهم المشكلة: نسبة عالية من خريجي الجامعات مع نقص الوظائف الحقيقية
وفقاً لتقرير صدر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي في بعض البلدان العربية أكثر من 40% من السكان البالغين. تبدو هذه الأرقام مثيرة للإعجاب ولكنها تعكس أيضاً وضعاً غير صحّي عندما تواجه معظم هذه الدرجات العلمية صعوبة كبيرة في الحصول على فرص عمل مناسبة.
السبب الأساسي لهذه الظاهرة يكمن غالبًا في عدم تطابق المهارات المكتسبة خلال الدراسات الأكاديمية مع احتياجات السوق العملي. كثير من برامج التعليم العالي تركز بشدة على الجانب النظري والمعرفي بينما يتجاهل التدريب العملي والتطبيق العملي للمفاهيم النظرية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك فجوة واضحة بين المجالات المتاحة في القطاع الخاص وما يتم تخصصته حاليًا في المؤسسات التعليمية.
الحلول المقترحة: إعادة هيكلة برامج التعليم العالي وتوفير تدريب عملي مكثف
لحل هذه القضية، يُشدد الخبراء على ضرورة إجراء تغييرات جذرية في نظام التعليم نفسه. يجب دمج المزيد من الدورات العملية داخل المناهج الدراسية لتمكين الطلاب من تطبيق معرفتهم في بيئة حقيقية قبل دخولهم لسوق العمل مباشرة. كما يمكن دعوة الشركات المحلية للتفاعل بشكل أكبر مع جامعاتها المحلية، مما يساهم بتقديم خبرات عملية قيمة للطلاب وتمكنهم أيضا من فهم أفضل للأدوار المختلفة ضمن قطاع أعمال محدد.
كما ينصح الكثير باتباع نهج "التعلم مدى الحياة". وهذا يعني تشجيع الطلاب والخريجين على استثمار الوقت والموارد للاستمرار في التعلم خارج نطاق الكليات التقليدية. عبر دورات قصيرة ومختصرة أو حتى شهادات مصغرة عبر الإنترنت، يستطيع الأفراد تحديث مهاراتهم باستمرار وتكييفها مع الاحتياجات المتغيرة لسوق العمل.
الاستنتاج: مستقبل مستدام يتطلب تحولاً جذرياً
إن التحدي الذي يشكله ارتفاع معدلات البطالة بعد التعليم العالي ليس مجرد قضية اقتصادية؛ بل إنه يؤثر أيضاً على الثقة العامة بالنظام التعليمي بأكمله وعلى قدرة المجتمع ككل على تحقيق نمو مستدام. إن اتخاذ الخطوات اللازمة الآن - مثل توسيع نطاق المعرفة العملية وتحسين التعاون بين المدارس والشركات – يعد أمرًا حيويًا لإعداد شبابنا لمستقبل مزدهر.