- صاحب المنشور: ميلا السعودي
ملخص النقاش:
مع تطور التكنولوجيا وتغير عادات الاستهلاك، شهد عالم الصحافة وتحويل الأخبار تحولا جذريا. هذا التحول الذي يطلق عليه "الإعلام الرقمي" لم يكن مجرد تغيير في الطريقة التي نستهلك بها المعلومات فحسب، بل كان له أيضا تأثيرات عميقة على الصناعة نفسها. من جهة، قدّم الإنترنت فرصة جديدة للإعلاميين لتوصيل رسائلهم مباشرة للمتلقي دون الحاجة لوسيط، مما زاد من الشفافية والديمقراطية الإعلامية. ومن ناحية أخرى، أدى ذلك إلى تحديات غير مسبوقة تتعلق بمصداقية الخبر وانتشار الأكاذيب والأخبار الكاذبة.
فيما يتعلق بالمصداقية، أصبح الوسطاء التقليديون للخبر - مثل الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية - أقل اعتماداً عليهم بسبب سهولة الوصول إلى مصادر متعددة عبر الانترنت. هذه القدرة الجديدة للمستخدمين على التحقق من الحقائق بأنفسهم يمكن أن تعزز جودة المحتوى إذا تم استخدامها بشكل صحيح. لكن، العكس صحيح أيضاً؛ حيث جعلت شبكة الإنترنت انتشار الأخبار الزائفة أكثر سهولة وبسرعة كبيرة. اليوم، حتى قبل تصحيح الخطأ أو الاعتراف بالأخطاء، يتم إعادة نشر القصص المغلوطة وإعادة سردها بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إن إدارة وسائل الإعلام التقليدية تواجه الآن مشكلة كيفية مواكبة هذا الواقع الجديد والحفاظ على سمعتها وموثوقيتها. إحدى الحلول المقترحة هي التركيز بشكل أكبر على الجودة بدلاً من الكمية. وهذا يتطلب استثمارات طويلة الأمد في التدريب وتطوير المهارات المتعلقة بالصحافة الرقمية، بالإضافة إلى زيادة الدعم المالي لتغطية أخبار ذات أهمية ولكن ربما ليست الأكثر رواجًا. كما يُشدد أيضًا على أهمية الوضوح بشأن الملكية الفكرية لكل محتوى رقمي، سواء كان فيديو، صورة، مقال، وغيرها.
بالإضافة لذلك، هناك جانب آخر مهم وهو قابلية الوصول لهذه الخدمات الإلكترونية. يجب أن تكون المواقع الإخبارية متوافقة مع جميع الأجهزة وأن توفر تجربة مستخدم جيدة بغض النظر عن الجهاز المستخدم. كما ينبغي دعم اللغات المحلية والعربية خاصة لإيصال الرسالة لأكبر عدد ممكن من الناس.
وفي النهاية، رغم كل التحديات، فإن انتقال الإعلام نحو العالم الرقمي يفتح فرصاً هائلة للاستقلالية والتعددية والإبداع. فهو يسمح بإشراك جمهور واسع ومتنوع بطرق مختلفة تمامًا عمّا كانت عليه الأمور سابقاً. إنها مرحلة انتقالية مليئة بالتجارب والاختبارات، ولكنها تحمل ضمنياً عمراً جديداً للأعمال الصحفية.
