- صاحب المنشور: جواد بن ساسي
ملخص النقاش:إن مغزى الحياة يظل لغزا عميقا تفتشت فيه الفلسفة الإنسانية عبر العصور. هذا الموضوع ليس مجرد نقاش فكري نظري، ولكنه يشكل جوهر وجودنا ويسعى لتوجيه مسار حياتنا نحو هدف طيب. في هذه المناقشة، سنستعرض بعض الرؤى الرئيسية التي قدمتها الأديان والفلاسفة المختلفة حول معنى ومغزى الحياة.
من منظور ديني، تعتبر العديد من الرسالات السماوية كالإسلام والمسيحية واليهودية الحياة رحلة للتقرب إلى الله وتنفيذ أوامره. تقول التوراة "لا تحسب نفسك حرًا حتى تسعى لتحقيق حياة كاملة" (البروج 24:12). بينما يؤكد القرآن الكريم على أهمية العمل الصالح والإيمان بالله كأهداف سامية للحياة البشرية ("وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رِضْوَانٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٌ عَلَيْهِمْ"). وهذا يعني أن تحقيق العلاقة الحميمة الروحية والشخصية مع الرب هي أساس المغزى النهائي للحياة بالنسبة للمسلمين.
الفكر الفلسفي
بالانتقال إلى المنظور الفلسفي، نجد أفكارًا متنوعة أيضًا. مثلاً، طرح المفكر الألماني إيمانويل كانط نظرية مفادها أن غاية الإنسان الحقيقية تكمن في بلوغ الحالة المثالية المعروفة بـ "النفس الكاملة". أما جون ستيوارت ميل فقد أكد على سعادة الأفراد باعتبارها الغاية الأساسية للحياة.
وفي السياق الإسلامي، فإن التفكير الأخلاقي للفيلسوف ابن رشد يدعم فكرة أن معرفة الحقائق الأخلاقية ليست نهاية المطاف ولكن فهم حكمها هو الشيء الأكثر قيمة وقدرة على تقديم دليل واضح لمغزى الحياة. يقول ابن رشد: "العلم بدون عمل صالح كهيكل بدون روح."
بشكل عام، يبدو أن هناك توافق ضمني بين التصورات الدينية والفلسفية بأن الإنجاز الأنبل والحقيقي يتعلق بالإنسان وطاقته الداخلية قبل أي شيء آخر قد تقدمه له الظروف الخارجية. لكن كيفيات الوصول إليه تتباين حسب العقائد الشخصية والسياقات الثقافية لكل فرد.
ختاما، تبقى مهمتنا اليوم كمناقشين وعاملين ذوي تفكير مستنير هي مواصلة الاستقصاء الجاد لهذا الطرح الهائل بهدف ترسيخ رؤيتنا الخاصة لما يعنيه حقا أن نعيش حياة ذات مغزى.