- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:في ظل الأنظمة السياسية المعاصرة، يبرز موضوع توزيع السلطة كنقاش حيوي يتناول العلاقة بين الشمولية والديمقراطية. هذا اللقاء المتنافر غالباً يتميز بعدد من الآراء المختلفة حول كيفية تحقيق أفضل توازن للسلطة داخل المجتمعات الحديثة.
من جهة، تدعو الديمقراطية إلى تفريق السلطات وتقاسمها بين فروع الحكومة الثلاثة - التنفيذية والتشريعية والقضائية - بالإضافة إلى وجود دور كبير للمجتمع المدني والمواطنين الأفراد عبر الانتخابات. هذه الفلسفة تعتمد على مبدأ "التحقق والتوازن"، حيث يعمل كل فرع من فروع السلطة كرقابة على الآخر لتفادي تركيز القوة في يد واحدة ومنع الاستبداد. هذا النهج هو أساس العديد من الدول التي تتبع النظام البرلماني أو الرئاسي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.
بالمقابل، تشجع المركزية على التركيز الكبير للقوىdecision making) في يد شخص واحد أو مجموعة صغيرة. غالبًا ما يُرى هذا النوع من الحكم فعالاً في حالات الطوارئ أو عندما تكون هناك حاجة ماسة لاتخاذ قرارات سريعة بدون المرور بالعديد من الخطوات البيروقراطية. لكن، يمكن أن يأتي مع مخاطر كبيرة تتمثل في فقدان الحريات الشخصية والاستقلال السياسي. مثال على ذلك قد يكون النظام الملكي أو الرئيسي الشمولي كما نراه في بعض الدول العربية.
إلا أنه ليس هناك حل ثابت يناسب جميع الظروف. فعلى سبيل المثال، خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كان نظام هتلر المركزي متطرفا للغاية ولكنه أدى أيضا إلى الوحدة الوطنية والجيش المنظم الذي لعب دورا حاسما في مواجهة العدوان الخارجي. بينما قدمت بريطانيا نموذجا أكثر ديمقراطية تحت قيادة وينستون تشرشل، مما ساعد في الحفاظ على حقوق المواطن حتى أثناء الصراع.
في النهاية، يبقى البحث عن الخيط الناعم بين الديمقراطية والمركزية تحديا مستمرا. إنه يتطلب فهم عميق لما تحتاجه الدولة في مختلف الفترات التاريخية، وكيف يمكن إدارة هذه العملية بطريقة تعزز السلام الداخلي وتعزز التنمية المستدامة.