- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كوفيد-19 على العالم, شهد التعليم نقلة نوعية حيث أصبح التعليم المستمر عبر الإنترنت ضرورة. هذا التحول المفاجئ لم يواجه تحديات تقنية فحسب، بل أيضًا ثقافية واجتماعية تتعلق بكيفية تقديم المحتوى التعلمي وكيف يتفاعل الطلاب مع المعلّمين والمواد العلمية. رغم العديد من التحديات الأولية، أثبتت هذه التجربة قيمتها الحقيقية بطرق متعددة.
أولاً، سهّل التعليم الإلكتروني الوصول إلى المعرفة لأعداد أكبر من الناس الذين كانوا مقيدين بمواقعهم الجغرافية أو ظروف العمل التقليدية. أصبح بإمكان الطالب الذي يعيش في منطقة نائية الحصول على تعليم عالي الجودة بنفس مستوى الشخص المقيم في مدينة رئيسية. بالإضافة إلى ذلك، قدم النظام الجديد مرونة عالية في الجدولة مما يسمح بالاندماج بين الدراسة والعمل والالتزامات الشخصية الأخرى بشكل أكثر فعالية.
الثاني: تطوير المهارات الرقمية
بفضل التعليم الإلكتروني، طور الكثير من الأفراد ومؤسسات التعليم مهارات رقمية مهمة مثل استخدام المنصات الافتراضية لإدارة الفصل الدراسي، واستخدام أدوات الاتصال الحديثة مثل مؤتمرات الفيديو وأنظمة الشات المباشر لتعزيز تفاعل الطلاب والمعلمين. وقد كان لهذا تأثير عميق ليس فقط في القطاع الأكاديمي ولكن أيضاً في سوق العمل حيث تعتبر المهارات الرقمية ضرورية الآن.
الثالث: التكلفة الاقتصادية
من الناحية المالية، يمكن أن يكون التعليم الإلكتروني أقل تكلفة سواء بالنسبة للمدارس أو للطلاب. بدون حاجةٍ لتكاليف بناء وصيانة المباني التعليمية التقليدية، تستطيع المدارس توجيه المزيد من الأموال مباشرة نحو تحسين جودة التدريس والأدوات الإلكترونية الداعمة. كما أنه يلغي الرسوم المرتبطة بالحضور المادي مثل وسائل النقل والإقامة وغيرها.
الرابع: نشر الثقافات والتبادل المعرفي
على الصعيد العالمي، يعمل التعليم المستمر عبر الانترنت كمجهر مكبر لعرض التنوع الثقافي والفكري. فهو يجتمع فيه طلاب ومنظوران معرفيان مختلفان حول موضوع واحد ليشاركوا الخبرات والحلول المختلفة للأزمات العالمية المشتركة.
الخامس: العزز من الصحة العامة
وفي الوقت الحالي مع انتشار مرض كوفيد-19، يعد التعليم الإلكتروني أحد الأساليب الأكثر أمانًا لاستمرار مسار التعلم دون تعطيله. وذلك لأن البقاء داخل المنازل بات حاليًا أفضل طريقة للوقاية والحد من العدوى.
وبالتالي فإن القيمة الحقيقية للتعليم المستمر عبر الإنترنت أثناء فترة الأزمة الصحية الحالية ليست محصورة بتجاوز العقبات اللوجستية التقنية والثقافية فحسب؛ وإنما أيضا تشمل تحقيق تراكم هائل للمزايا العملية والفكرية والبشرية والتي ستستفاد منها المجتمع لفترة زمنية طويلة قادمة بعد انحسار الجائحة إن شاء الله.