• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  في عالم يتجه نحو العلم والتكنولوجيا بسرعة فائقة، يبرز تساؤل مهم حول كيفية تحقيق التوازن بين تعاليم الدين الإسلامي وتطورات العلوم الحديثة. هذا التساؤل ليس جديدا ولكنه أصبح أكثر حدة مع ظهور تحديات جديدة مثل الروبوتات الذكية والأخلاق الرقمية. يهدف هذا المقال إلى استكشاف كيف يمكننا النظر إلى هذه المسألة بطريقة تكاملية وليس تنافسية.

منذ القدم، أثبتت الحضارة الإسلامية أنها كانت رائدة في مجالات العلوم المختلفة، حيث أنشأت العديد من الجامعات والمراكز البحثية التي اهتمت بالدراسات العلمية جنبا إلى جنب مع الدراسات الدينية. الفلاسفة المسلمين القدماء كانوا دائما يشجعون على الجمع بين المعرفة العلمية والدينية. يقول ابن سينا الشهير "الطبيب"، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، إن "العلم هو نور يقربك من الله".

اليوم، بينما نستمر في الاكتشافات المتسارعة في مجال التقنية وعلم الأحياء وغيرها، نواجه تحديات أخلاقية واجتماعية جديدة. هل تتعارض هذه التطورات مع قيمنا الدينية؟ أم أنها فرصة لإعادة تعريف فهمنا للعالم وفق منظور ديني شامل؟

على سبيل المثال، عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي (AI)، فإن القضايا الأخلاقية المرتبطة به تتعلق بكيفية استخدام هذه التقنيات وكيف قد تؤثر على المجتمع البشري. ولكن أيضا، كما ذكر الشيخ محمد العريفي في إحدى خطبه، "إن الله خلق الإنسان وأعطاه القدرة على التفكير والإبداع، وهذا يعني أنه يمكن للإنسان باستخدام عقله واستخداماته للتقنية أيضًا عبادة الله."

ومن ناحية أخرى، هناك بعض المخاوف بشأن استخدام تقنيات الهندسة الوراثية أو الطب الجزيئي. هنا مرة أخرى، الإسلام يدعو إلى الرفق بالحياة والحفاظ عليها. قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" مما يعكس أهمية عدم اللجوء إلى أي شيء يؤدي إلى الأذى أو الضرر.

إذن، الطريق الأمثل ربما يكمن في التعامل مع كل تكنولوجيا كوسيلة وليست غاية بذاتها. ينبغي علينا تحليل التأثيرات المحتملة لكل اختراع وتقييم مدى توافقه مع مبادئ الإسلام قبل الاستثمار فيه. وفي الوقت نفسه، يمكن للمجتمع العلمي الإسلامي العمل على تقديم حلول مبتكرة تلبي الاحتياجات البشرية ضمن حدود الشريعة.

هذه الرحلة ليست سهلة بالتأكيد، لكنها ضرورية إذا رغبنا حقًا في بناء مستقبل متوازن ومتطور دينياً وثقافيا واقتصاديا. إنها دعوة للاستمرار في البحث والتأمل والنظر بعناية فيما نحقق وما نصنع حتى يتماشى ذلك دائمًا مع روح ومبادئ ديننا الحنيف.