تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية: تحديات الحياة الرقمية المعاصرة

مع انتشار استخدام الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية حول العالم، أصبح للأجهزة الإلكترونية حضور يومي كبير في حياتنا. هذا التغيير التقني الكبير له عواقب

  • صاحب المنشور: تحية الشرقاوي

    ملخص النقاش:
    مع انتشار استخدام الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية حول العالم، أصبح للأجهزة الإلكترونية حضور يومي كبير في حياتنا. هذا التغيير التقني الكبير له عواقب غير متوقعة، حيث أثرت هذه الوسائل الجديدة ارتباطاً وثيقاً على جوانب مختلفة من حياة الإنسان، ومن بينها الصحة النفسية والعقلية. بدأ العديد من الدراسات العلمية الأخيرة تسلط الضوء على الآثار المحتملة لوسائل الإعلام الاجتماعية والسلوك الرقمي عموماً على الحالة النفسية للفرد.

في البداية، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي توفر فرصًا عديدة للتواصل والتعاون والتعلم. فهي تمكن الناس من بناء شبكات اجتماعية واسعة ومتنوعة، مشاركة الأفكار والمعرفة، والحصول على الدعم النفسي عند الحاجة. ولكن هناك جانب آخر لهذه الصورة الجذابة. بحسب دراسة نشرت عام 2018 في مجلة "الطب النفسي الإكلينيكي"، فإن الاستخدام المنتظم للمواقع مثل الفيسبوك والتويتر قد يساهم في زيادة الشعور بالوحدة العاطفية والشعور السلبي تجاه الذات والقلق والإجهاد.

أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو ظاهرة تسمى "التزييف الافتراضي". غالبًا ما يتم عرض الجانب الأكثر جمالاً أو نجاحاً أو سعادة للحياة عبر الإنترنت؛ مما يؤدي إلى مقارنة مستخدمي مواقع التواصل بأنفسهم بهذه الصور المثالية التي ربما تكون غير واقعية تماماً. هذه المقارنات المتكررة والمستمرة يمكن أن تسبب حالة نفسية تعرف باسم "متلازمة الأخبار الكاذبة" والتي تتضمن انخفاض تقدير الذات وفقدان الثقة بالنفس ومشاعر اليأس بسبب شعور الفرد بعدم قدرته مطابقة معايير المجتمع الذي يراه عبر الشاشات الصغيرة والكبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، أدت سرعة المعلومات وانتشارها الهائل عبر الشبكة الواسعة إلى نوع جديد من القلق يسمى "رهاب فوات الفرصة". يشعر الأشخاص الذين يستخدمون وسائل التواصل باستمرار بأنه يجب عليهم مواكبة كل شيء ولن يفوتوا أي حدث هام. وقد ينتج عن ذلك مشاعر الغضب وعدم الراحة عندما يتم تجاوز رسالة بعينها أثناء قراءة تدفق المستمر للنصوص والأحداث المختلفة. كما أن التعرض المستمر للشائعات والأخبار الكاذبة يمكن أيضًا أن يساهم في اضطراب مزاج الشخص ويؤثر سلبيا على صحته النفسية العامة.

من أجل التغلب على التأثيرات السلبية المحتملة، يقترح الخبراء عدة استراتيجيات إدارة فعّالة لاستخدام المواقع الاجتماعية. أول خطوة هي تحديد حدود زمنية واضحة للاستخدام اليومي وضبط التنبيهات بطريقة تضمن عدم مقاطعة الوقت الخاص والتفاعلات الإنسانية المباشرة كثيرًا. ثانيًا، تشجيع المستخدمين على التركيز أكثر على جودة العلاقات وليس كميتها؛ فالصداقة الحقيقية مبنيةٌ أساساً على التواصل خارج نطاق الشاشة الزرقاء. بالإضافة إلى تعزيز المرونة الشخصية وقبول الواقع كما هو دون محاولة البحث دائما عن مثاليّة وهمية قد يصعب تحقيقها حقا حتى داخل عالمِنا المحسوس أيضا!

وفي نهاية المطاف، وفي ظل عصر رقمي يتطور بسرعة كبيرة، يتطلب الأمر فهماً أفضل لتلك التحديات المرتبطة باستخدام التكنولوجيا الحديثة واستعداد أكبر لفهم كيف تؤثر تلك الأدوات الجديدة -بالسلب والإيجاب-على جميع نواحي وجودنا الحالي والمستقبلي....


خولة العسيري

5 blog messaggi

Commenti