- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
التطورات التقنية الحديثة التي غيرت العالم بشكل جذري أثرت أيضًا بصورة كبيرة على الحياة اليومية للبشر. ومن بين هذه التأثيرات جانب مهم يتعلق بالصحة العقلية والنفسية. بينما توفر التكنولوجيا العديد من الفوائد مثل سهولة التواصل وتوفير المعلومات والترفيه, إلا أنها قد تؤدي أيضاً إلى مخاطر محتملة تتعلق بالسلامة النفسية للإنسان.
التفاعل الاجتماعي عبر الإنترنت ومتى يصبح إدماناً؟
إحدى أهم الآثار المحتملة للتكنولوجيا هي زيادة الانعزال الاجتماعي والإدمان الرقمي. فقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية وغيرها من الأنشطة عبر الشبكة العنكبوتية، إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الأفراد مع أحبائهم وأصدقائهم الحقيقيين. هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى عزل اجتماعي وقد يساهم في مشاكل صحية نفسية كالقلق والاكتئاب. بالإضافة لذلك، فإن شغف البعض بالتكنولوجيا واستخدامها لدرجة الإدمان قد يأتي بتكاليف صحية نفسية مرتفعة حيث يمكن أن يشعر المستخدمون بالإجهاد والتوتر عند عدم القدرة على الوصول إليها أو عندما يتم تعطيل خدماتها مؤقتًا.
النوم والصحة البدنية تحت الضوء الأزرق
ثاني القضايا الكبرى التي تحتاج إلى النظر هي تأثيرات الضوء الصادرة من الشاشات الإلكترونية على دورتنا البيولوجية والنوم. يعمل ضوء الشاشة ذات الطول الموجي الأقصر المعروف باسم "الضوء الأزرق"، بنفس طريقة الشمس ويعطل إنتاج الجسم للميلاتونين -هرمون يحكم دورات نومنا وعمل جهاز المناعة لدينا-. هذا الانقطاع المتكرر لحلقات النوم الطبيعية له ارتباط واضح بمجموعة واسعة من المشكلات الصحية البدنية والعقلية، بما في ذلك الاكتئاب واضطراب نقص الانتباه وزيادة خطر الأمراض المزمنة الأخرى.
تشويه الصورة الذاتية وعدم الثقة بالنفس
أخيراً وليس آخراً، تعد صور الجمال المثالي والتوقعات الاجتماعية المرتبطة بالمظاهر الشخصية على المنصات الرقمية واحدة من أكثر المواضيع حساسية والتي تطرحها لنا التكنولوجيا فيما يتعلق بالصحة العقلية. تعرض أفراد المجتمع لمحتويات تصور نماذج مثالية تجعل الكثير منهم يشعر بأنه أقل قيمة ويؤثر سلبياً على ثقته بنفسه واحترامه لنفسه مما يعرضهم لاحتمالات أكبر للإصابة باضطرابات الأكل ومشاكل احترام الذات.
وفي نهاية المطاف، رغم كون التكنولوجيا أداة مفيدة للغاية وفي متناول الجميع، فإنه ينبغي اعتبار استخداماتها بعناية وبشكل مسؤول للحفاظ على رفاهيتنا وتحقيق توازن صحي بين التطور الرقمي والحياة الواقعية الحيوية والمليئة بالألفة الإنسانية.