• صاحب المنشور: وسيم القبائلي
  
  ملخص النقاش:
  مع الثورة الرقمية التي شهدتها السنوات الأخيرة، أصبح قطاع التمويل غير المصرفي أو "الفينتك" Fintech) ) يشكل تحدياً كبيراً للبنوك التقليدية. هذا القطاع الذي يعتمد على الابتكار والتكنولوجيا لتوفير خدمات مالية متنوعة ومتاحة عبر الإنترنت، بدأ يغير وجه النظام المالي التقليدي في مختلف أنحاء العالم. وفي الدول العربية، هذه الظاهرة ليست استثناءً.

تتميز فينتك بتقديم حلول أكثر مرونة وكفاءة وأقل تكلفة مقارنة بالخدمات البنكية التقليدية. بعض الأمثلة الشائعة تشمل تطبيقات الدفع عبر الهاتف المحمول مثل "بالبنك" في الأردن، و"فوري" في مصر، والتي توفر للمستخدمين إجراء تحويلات مصرفية بسيطة ومباشرة بدون الحاجة إلى زيارة فرع بنكي فعلي. بالإضافة إلى ذلك، هناك شركات ناشئة تقدم قروضاً صغيرة للأعمال الصغيرة والمتوسطة بناءً على البيانات الكبيرة وتحليلها، مما يساعد تلك الأعمال على الحصول على التمويل اللازم بسرعة أكبر بكثير من الطريقة التقليدية المتبعة لدى المؤسسات المالية الأكبر حجماً.

لكن كيف يتفاعل البنك التقليدي مع هذه التحولات؟ العديد من البنوك تسعى حاليًا لإعادة تعريف نفسها كمؤسسات رقمية وتجري تغييرات عميقة داخل هيكلها التنظيمي واستراتيجيات عملها لمواجهة المنافسة المتزايدة. البعض الآخر لديه اتفاقيات تعاون مباشرة مع شركات الفينتك لاستخدام تقنياتهم الحديثة ضمن خدماته الخاصة. حتى إن بعض البنوك قد قررت الاستثمار بشكل مباشر في شركات ناشئة مرتبطة بقطاع الفينتك لضمان بقائها رائدة في مجال التقنية المالية.

فيما يحذر الخبراء من مخاطر متعلقة بالأمن الإلكتروني وقضايا الامتثال القانوني المرتبطة بفينتك، إلا أن الفوائد المحتملة -خاصة فيما يتعلق بالتوسع في الوصول إلى الخدمات المالية وبالتالي تحقيق الشمول المالي- تجعل من التعاون بين الجهات المنظمة والممارسين ضرورياً لتحقيق توازن بين تطوير السوق والحفاظ على سلامته.

وفي النهاية، يبدو أنه سيصبح هناك اتحاد مثمر بين عالم البنوك القديم وعالم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الجديد؛ حيث يعملان جنباً إلى جنب لبناء نظام مالي مستقبلي قائم على أساس متين يقوم بتلبية الاحتياجات المتغيرة لسوق اليوم.