طريقة الإمام #البخاري في إيراد ما ظاهرُه الانقطاع:
أخرج البخاري حديث مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبيه: "أن رسول الله كان يسير في بعض أسفاره، وعمر بن الخطاب يسير معه ليلًا ..."، الحديث. فاستدركه الدارقطني عليه بأنه مرسل، وقد خرّجه جماعة عن مالك متصلًا
#فوائد_حديثية
فقالوا: مالك، عن زيد، عن أبيه، عن عمر به.
قلت: وهذا الاستدراك مع دقته وخفائه يُشعِر بنوع ظاهرية وجمود في النقد؛ لأنَّه أغفل سياق الحديث الذي يحدّد بوضوح المصدر الذي نقل عنه أسلم هذا الحديث، وهو مولاه عمر بن الخطاب صاحب القصة، وأسلم معروف بالرواية عن مولاه عمر، فلا جرم أنَّه
تحمَّل هذا الحديث عنه، فكيف وقد أسنده إليه بصريح الاتصال! فقال بعد ذلك: "قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن ...".
فالتعليل بمثل هذا غير متجه؛ لأنه لا يوجد انقطاع في حديث مالك من الطرق التي خرَّجها البخاريُّ حتى يُعارض الوصل بالإرسال
بل هذه الأسانيد متصلة في الحقيقة وإن كانت صورتها صورة المرسل في أولها، وقرينة الاتصال محتفة بها حتى دون الحاجة إلى ورود الحديث متصلًا في روايات أخرى، والبخاري يتسامح في حديث التابعي إذا كان معروفًا بالرواية عن الصحابي صاحب القصة؛ لأنه غالبًا ما يكون أخذها عنه مع قرائن أخرى تنضم
إلى ذلك، ومن أهمها: ورودها متصلة من طرق أخرى، في الصحيح أو في خارجه.
والبخاريُّ مع تشدُّده في قضايا السماع إلا أنَّه يراعي السياق والقرائن في الاتصال والانقطاع، ولا يجمد على صيغ الإسناد وحدها في ثبوت الاتصال ونفيه، فتجده يورد في "صحيحه" أحاديث صريحة في الإرسال