?
قراءة في سلوك المسلم ،،،
من المعروف ( بديهياً ) أن المسلم الحالي والسابق يحرص في جميع تصرفاته وسلوكه ان يدخل الدين ويجعله هو المحرك الرئيسي لهذه السلوكيات والتصرفات ،،
فلن تجد شعب على وجه الأرض يفعل ذلك غير شعوبنا اطال الله بقائها !
فهم يصنّفون كل حركة وكل فعل تحت الحرام والحلال !
والمستحب والمكروه !
حتى لو كانت جلسة او مشْيَه !
فتراهم يحرصون في نومهم على الجانب الايمن لانهم يعتقدون أن هذا من الدين !
ولا اعلم ما دخل الدين في تحكمه في نومة بشر وأي جانب يعطيه نوم أريَح لكي يرتاح !
إن لله في خلقه شؤون !
حتى في الحمام يجب عليك أن تدخله بقدمك اليمنى وإلا ،
بل ادخلوا الدين حتى في ما يجب فعله بين الزوج وزوجته داخل غرفتهم اثناء ممارسة الجنس بينهم ، وحددوا ما يجب فعله وماهو حرام ومكروه وماهو مستحب وواجب!
اصبحنا في هوس شديد ونتحرك كأجهزة آلية بلا شعور مخافة عمل حركة نحاسب عليها !
تدخل الفقهاء في جميع حركات العباد وبالأخص النساء ، فلقد قعدوا لها كل مقعد حتى في الامور التافهة من قص شعره هنا أو هناك او حف حاجب فهذا سبب لغضب خالق هذا الكون العظيم !
من يرى مواقع الإفتاء وبرامجها وهي تحاصرنا في كل مكان ومن كل جهة وجانب وزمان ، في الإذاعة والتلفزيون والصحف حتى في مواقع التواصل ، يدرك حينها حجم المصيبة التي نعيشها وجهل الشعوب في ابسط أمورهم ،
عندما أشاهد برنامج للإفتاء او يشاهده أي إنسان سوَي وعلى فطرته ،
وما يُطرح من أسئلة
حتماً سوف تتسائل عن الصحة العقلية للمفتي والمستفتي معاً !
لا نملك أمام هذه الظاهرة سوى التعجب ومن غباء هذا وذالك ، لا سيما حين يُعتبر ذلك عنوان التديّن الصحيح
المتتبع المتمكن والباحث في التاريخ الإسلامي يكتشف أن هذه الأمور والتفاهات والخواء الروحي والعقلي لم تكن موجودة في صدر الإسلام الأول ، بل بدأت في مرحلة متقدمة لاحقا
"كل ما نزل بمسلم ففيه حكم لازم "
من هنا بدأت القصة ، أو بمعنى آخر الكارثة !
هذا الحكم الفقهي من كتاب " الرسالة" للإمام الشافعي
فلقد رأى أن كل سلوك المسلم وحركاته وافعاله خلال ممارسه حياته الطبيعية فيها حكم ملزم وتقع تحت الحلال والحرام ، المستحب والمكروه ،
الواجب والمحظور !
وهكذا تبعه في ذلك سائر الفقهاء والاصوليين الذين في عصره ومن اتوا بعده في جميع المذاهب!
كتاب الرسالة صنف السلوك البشري من ادنى حركة او نشاط او فعل الى أخطر فعل يقوم به الإنسان في حياته العامة والخاصة !
تحت الحرام والحلال والمندوب والمحظور والمستحب والمكروه !
ومن تلك اللحظة بدأت السيطرة على الشعوب وحركاتها وفرض الوصاية على كل ما هو ظاهر من حركة او نشاط يومي يقوم به الشخص ،
واغفلوا ما بداخل الإنسان ! فلقد اهتموا بالشكليات وتناسوا الاخلاقيات وهذا ادى لظهور مجتمعات منافقة
تبدي وتظهر مالا تبطنه مخافة المجتمع ، زد على ذلك انهم بدأو يخشون العيب ويعظمونه اكثر من فعل الحرام وفعله !
وبما ان القاعدة في كل الامور هي الحلال مالم يكن هناك حكم فيها ارادوا أيضا السيطرة على هذا الحلال حتى يحكموا قبضتهم على العامة اكثر ولا يفقدوا سيطرتهم الكاملة عليهم ،
فبداوا بتقليص الحلال والتضييق على الناس من باب سد الذرائع وان العامة لا تعرف مصلحتها !
فأصبح الكثير من الحلال ممنوع لدرجة من يفعله يعرض نفسه للعقاب والغضب الإلهي ، حتى تغلل هذا الفكر عند العامة
واصبح الكثير من المباح اصلاً حرام شرعا ومن البديهيات ولا مجال للنقاش فيه والجدال ومن يفعل ذلك سيلقى غياً ،
في العصر الحديث ومع الدول المدنية خرج تهديد قوي لسلطة الفقهاء ومنظومتهم وفي تحكمهم لسلوك البشر " القانون الوضعي "
فالقانون الوضعي لا يعترف بمستحب ومكروه
هو لديه مادتين فقط " مسموح وممنوع"
وترك للأفراد والمجموعات الحرية فيما يفعلون إن لم يخالفوا هذه المادتين فقط ،
فلا حدود لحريتهم إلا حدود شخص وفرد آخر او الدعوة لعنف او كراهية وتمييز ،
فالقانون لا يتدخل في معتقدات الناس ولا ميولهم وحركاتهم وانفاسهم لا بالتأييد ولا بالتنديد كما هي المنظومة الفقهية ، لان الجميع امام القانون سواسية في الحقوق والواجبات
بخلاف المنظومة الفقهية التي تصنف الناس حسب معتقدهم ودينهم ، وتتدخل في كل شاردة وواردة من ابسط حركة الى اكبرها
ويسوقون كل ذلك تحت إرادة الله وطاعته ، والحقيقة هي إرادتهم وتأويلهم المحكوم دائما في ثقافتهم ومصالحهم
فلا يخفى على كل مدرك ان الأنظمة الإستبدادية تتخذ من الدين ذريعة للسيطرة على شعوبها تحت شعار تطبيق الشرع وهذه إرادة الله ،
والقليل ممن يستطيع أن يدرك زيف هذا الإدعاء !
نعود لما كنا فيه
فمنذ نجاح السيطرة على العامة ، وإملاء ما يجب لبسه واكله وطريقة قص الشعر وغيرها من أمور تافهة ، حتى بدأوا بتحريم كل ماهو مستجد في هذا العصر
?
بدءاً من تحريم القهوة والطماطم الى تحريم الهواتف والسيارات وآلات الطباعة وكل ما يمت للتكنلوجيا بصلة
بل تم تحريم الفنون من رسم وموسيقى وحتى تعلم اللغات الأخرى بحجة انها لغة الكفار !
أين يجب أن نعيش او نهرب ، هل نبحث عن كوكب آخر ، هذا ما فكرت فيه سابقاً ولكن للأسف جميع الإبتكارات هي من صنع الكفار فقد اكون آثم إن استخدمت مكوك فضائي يخرجني عن هؤلاء !
كل هذه السيطرة أدت لتراجعنا عن اللحاق بالشعوب الأخرى واصبحنا في ذيل الأمم تطورا واخلاقاً !
المضحك المبكي أننا الآن وتحت التغيرات التي حدثت نراهم يتراجعون عن أمور كثيرة كانت في حكمهم أنها بدعة وضلاله ، بل ربما محرمة ، نراهم يتسابقون الى ماكانوا ينهون عنه ،
ماذا حدث وأين شرع الله الذي ملأتم به مسامع الناس على مر العصور !
لقد ادركوا ان الشعوب لم تعد تلك الشعوب المغفلة ، فوسائل البحث عن أي معلومة وكشف زيفها اصبح متاح حتى لجدتي (:
ادركوا أنهم إنكشفوا ولا يحق لهم التحكم ، ولا يجب علينا ان نسمح لأحد بالتحدث نيابة عن الله بعد اليوم ،
فالسابقون لم تتح لهم ما أتيح لنا فتم إستغلالهم
والسيطرة عليهم ، فما هو عذرنا الآن !
يجب أن يعي كل شخص أنه وحده المسؤول أمام الله ولن يحاسب أحد دونه ، لذلك عليك بنفسك ولا تفرض وصايةً على أحد خصوصا في دين الله
فمن هو أحسن من الرسول عندما قال له الله
لست عليهم بوكيل.