المعاجلة في الحصول على شهادة الدكتوراه والماجستير = ضيّعت الأذكياء وسمحت للأغبياء التحكم بالسياق العلمي؛ لأنها شهادات أيسر من شرب الماء لاسيما مع وجود المال.
ومن يسرها تجد الحاصلين عليها وهم دون الثلاثين أكثر من حبات الرمال.
وقد كنا زمانا نقول: الجامعات تعطي المفاتيح، ونقول اليوم: تسلب المفاتيح.
والسبب أنها تشغل الذكي عن استكمال بنائه المعرفي وتضغطه بالوهم، فالدكتوراه كالهم على قلبه والأعمال تطلبها، وهو لا يريد الشروع فيها إلا بعد روية يسيرة يضبط فيها ما يسعى إليه، ولا إبداع بلا ضبط للعلوم.
ومن المضحكات المبكيات أننا صرنا نسمع من يقول: أنجز هذه الشهادات بسرعة، حتى تتفرغ للعلم.
فبالتجربة، وجدنا جل الذين قالوها قد فوتوا على أنفسهم مرحلة التوقد وامتصاص العلوم في كتابة بحوث ودراسة فصول منتزعة من الكتب تفاريق وأنهم بعد الدكتوراه يشعرون بفراغ يصعب معه العودة إلى الوراء.
وليس في هذا الكلام دعوة إلى ترك الأكاديميات، معاذ الله، لكن المعاجلة في تدبير الشهادات على حساب البناء المعرفي من أخلاق البلطجية أو الصعاليك.
والعاقل يوازن وينظر ويقدم ويؤخر .. يعطي نكد متطلبات الزمان حقه، ولا ينسى نصيبه من العلم الحقيقي، فإن لم يفعل بلغ الأربعين حسيرا.