- صاحب المنشور: ناديا القروي
ملخص النقاش:
### التدخل العراقي في سوريا: التكلفة الإنسانية والسياسية
في أعقاب الأزمة السورية التي اندلعت عام 2011، وجدت العراق نفسها متورطة مباشرة في الصراع. هذا التدخل، الذي جاء تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أدى إلى تداعيات كبيرة على كلا البلدين بالإضافة إلى المنطقة بأسرها. هذه الدراسة تهدف إلى تحليل التأثير البشري والسياسي لتدخل القوات العراقية في الشأن السوري.
الجوانب الإنسانية للتدخل العراقي:
من الناحية الإنسانية، كان لوجود القوات العراقية تأثير كبير على السكان المدنيين في سوريا. مع دخول الجيش العراقي إلى مناطق مختلفة، تعرض العديد من المدنيين لأعمال عنف وإرهاب غير مسبوقة. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش، ارتكب الجنود العراقيون انتهاكات لحقوق الإنسان مثل التعذيب والاختفاء القسري والقتل خارج نطاق القانون. كما أدت العمليات العسكرية إلى نزوح جماعي للسكان المحليين الذين كانوا يجدون ملجأهم بالقرب من الحدود العراقية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن انتشار الأمراض والأوبئة أصبح مشكلة شديدة الحدة نتيجة للحالة الصحية المتردية للنازحين. نقص الغذاء والمياه النظيفة جعل الوضع أكثر سوءاً. هذه الظروف المزرية أثرت بشكل خاص على الأطفال وكبار السن الذين هم الأكثر عرضة للأمراض والإعاقة.
الجوانب السياسية للتدخل العراقي:
على المستوى السياسي، كانت هناك مخاوف بشأن مدى استقرار واستدامة النظام السياسي في العراق نفسه بسبب مشاركته الخارجية. فقد اعتبر بعض السياسيين والعسكريين داخل العراق أن الالتزام طويل الأمد في سوريا قد يعرض الأمن الداخلي للبلاد للخطر ويهدد الوحدة الوطنية. علاوة على ذلك، فإن العلاقات الدولية للعراق تغيرت بناءً على هذا القرار حيث أثارت بعض التحالفات الجديدة قلق دول أخرى في المنطقة والعالم.
كما طرح التدخل العراقي تساؤلات حول دور بغداد الحالي ضمن المنظمات الإقليمية والدولية مثل جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة. فهذه المؤسسات لم تكن قادرة دائمًا على تنسيق جهود الحرب ضد داعش بكفاءة مما جعل كل دولة تقرر اتخاذ إجراءاتها الخاصة. وقد زادت حملة سوريا استرعاء الانتباه إلى الفشل العام لهذه الهياكل.
وفي النهاية، يبدو واضحًا أنه رغم وجود نوايا لصالح مكافحة الإرهاب عند بداية التدخل العراقي، إلا أنه أتى بثمن باهظ اجتماعيًا وسياسيًا لكلا البلدين وللمحيط الأكبر أيضًا. ينبغي النظر مليّاً قبل أي تدخل عسكري مستقبلي وتقييم الرغبات والنتائج المحتملة بعناية أكبر.