1
المتسول الأخرس في لبنان
في أثناء الحرب الأهلية (1990 - 1975) كان يتنقل في بعض شوارع بيروت رجل متسول،
رث الثياب
كريه الرائحة،
وسخ الوجه واليدين
حافي القدمين
أشعث شعر الرأس واللحية،
وهو فوق ذلك أبكم (أخرس)، لم يكن يملك ذلك (المتسول الأخرس) سوى معطف طويل أسود بائس ممزق قذر https://t.co/FFr2QOUS9w
2
يلبسه صيفاً شتاءً
وكان بعض أهل بيروت يتصدقون عليه ويلاطفونه،
كان عفيف النفس إلى حدّ كبير،
فإن تصدّق عليه أحدهم برغيف خبز قبل منه،
وإن تصدق عليه بربطة خبز (عشرة أرغفة) لم يقبل،
وإن أعطاه أحدهم كأس شاي قبل منه،
وإن أعطاه مالاً لم يقبل،
وإن أعطاه أحدهم سيكارة قبل منه،
3
وإن أعطاه علبة (20 سيكارة) لم يقبل ؛
كان دائم البسمة، مشرق الوجه، مؤدباً لطيفاً مع الصغير والكبير.
لم يكن له اسم يعرف به سوى : الأخرس..
لم يشتكِ منه أحد،
فلا آذى إنساناً،
ولا اعتدى على أحد،
ولا تعرض لامرأة،
ولا امتدت يده إلى مال غيره،
ولا دخل إلى بناء لينام فيه،
4
فقد كان يفترش الأرض،
ويلتحف السماء.
دخل الجيش الإسرائيلي بيروت،
واجتاحها من عدة محاور،
ولاقى أثناء تقدمه البطيء مقاومة من أهلها،
وعانى أهل بيروت من القصف الوحشي
والقنص المخيف والقذائف المدمرة،
واستغرق ذلك عدة أشهر،
بينما كان (المتسول الأخرس) غير عابئ بكل ما يجري حوله،
5
وكأنه يعيش في عالم آخر.
ولأن الحرب حرب شوارع فلكل امرئ منهم شأن يغنيه
فلم ينفع تنبيه بعض الناس (للمتسول الأخرس) عن خطورة وصول الجيش الإسرائيلي إلى تلك الشوارع والأزقة التي كان يتجول فيها وينام على قارعتها في بيروت الغربية.