- صاحب المنشور: عبد الجبار بن زينب
ملخص النقاش:في السنوات الأخيرة، شهد العالم تحولاً ملحوظاً في قطاع الطاقة. هذا التحول لم يكن مجرد تغيير تكنولوجي أو اقتصادي، بل كان نتيجة لتغير كبير في الطلب العالمي والظروف الجيوسياسية. يشكل سوق النفط الخام حالياً أحد أهم الأسواق العالمية التي تؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمي كله. الفائض الحالي في العرض وانخفاض الأسعار أدى إلى تحديات كبيرة أمام المنتجين الكبار خاصة الدول الاعتمادية مثل روسيا والسعودية والنرويج وكندا وأمريكا.
هذه الظاهرة ليست جديدة تمامًا؛ فقد حدثت فترات مماثلة خلال الـ20 سنة الماضية ولكنها كانت أكثر حدة هذه المرة بسبب عدة عوامل. الأول هو زيادة الإنتاج الأمريكي للنفط الصخري الذي بدأ منذ عام 2011 واستمر حتى وصل إلى مستويات قياسية عالية. ثانياً، تراجع الاقتصاد الصيني والذي يعتبر أكبر مشترٍ للنفط الخفيف في العالم، بالإضافة إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بشكل عام. أخيرا وليس آخرا، عدم القدرة على التنبؤ بقرارات منظمة أوبك بشأن تخفيضات الإنتاج.
التداعيات المحتملة
إن تأثير انخفاض أسعار النفط على الاقتصادات المعتمدة عليه ليس محدودا فقط بتقليل عائداتها المالية، ولكنه أيضا يؤدي إلى مشاكل اقتصادية أخرى. قد يتسبب ذلك في تقليص الاستثمار الحكومي في البنية التحتية وغيرها من المجالات الحيوية. كما أنه يمكن أن يكبح النمو الاقتصادي العام عبر خفض الإنفاق الخاص والمستثمرين المحتملين الذين ينظرون باستغراب لأسعار النفط المنخفضة باعتبارها مؤشرا على حالة غير مستقرة للمدى الطويل.
من الجانب الآخر، فإن الانخفاض الكبير في تكاليف الوقود يعني المزيد من المال في جيوب المستهلكين والشركات الصغيرة التي تعتمد بشدة على المحروقات في نفقاتها التشغيلية. وهذا بدوره يدفع نحو التعافي الاقتصادي بطريقة غير مباشرة حيث يتم إنفاق الأموال المتاحة بشكل أكبر داخل الاقتصاد الوطني وبالتالي تعزيز النشاط التجاري والتوظيف.
وفي النهاية، يبدو الأمر الآن كمعركة بين استراتيجيتين متنافستين للغالبية العظمى من منتجي النفط - سواء كانوا أعضاء في منظمة أوبك أم خارجين عنها. الأولى هي تلك التي تدعو لرفع الإنتاج للحفاظ على حصتها السوقية والثانية هي السياسة المقيدة للإنتاج والتي تتبعها السعودية وروسيا لتحاول إعادة تحقيق الاستقرار للسوق مرة أخرى.
لذا، بينما يستمر العرض الكبير والعرض الوافر، يبقى السؤال قائما حول كيفية توازن القوى المختلفة وكيف ستتأثر الأسواق العالمية بهذا الوضع الجديد للأيام المقبلة.