قصتي القصيرة ( حكاية الزينة)
تربعت الزينة أمام خيمتها الصغيرة وقت الأصيل، تقلب العجينة الطرية بيديها السمرواتين، وتشكل منها دوائر تامة على الطوبج، فيتحول العجين إلى خبز كالبدر في اكتماله، تضعه على صحن بجابنه وعاء لبن، فيغمس يعقوب الخبز بأصابعه الصغيرة في اللبن ويتناوله بنهم شديد
وتناول سالمة قطعا صغيرة، تلتصق سالمة على ظهر أمها متحركة للأمام وللخلف وناثرة فتات الخبز على شالها الأسود، وقد حاولت أن تخطو خطوة لكنها سقطت قبل أن تكمل الخطوة الأولى.مرّ عابر سبيل قادما من القرية وأخبرها أن المزرعة الكبرى ستبدأ جداد نخيل المبسلي فيها غدا بعد الفجر وحتى العصر
أعطت الرجل خبزا وشكرته بحماس، والتفت ليعقوب: سأذهب غدا للمزرعة الكبرى وسأحضر تمرا يكفينا مدة طويلة. ثم مدت نظرها باتجاه الشمس الهابطة رويدا خلف بحر الرمل، وأردفت مخاطبة نفسها: وربما أحضر لمبا لنأكله وليمونا لنجففه، وفجأة تعرق وجهها وبردت أطراف أصابعها ونفخت هواء حارا من فمها
وحدثت يعقوب بصوت خفيض: ولكن من سيكون معكما حتى أعود؟تقلبت في فراشها، هل ستأخذ صغيريها معها، أم ستتركهما؟ وإن تركتهما فهل تأمن عليهما من دواب الأرض و حرارة الشمس، شق الفجر عليها وقد أعدت حسابا مفصلا لكل الخطوات من وقت خروجها حتى عودتها، وحسمت أمرها بأن تعود قبل أن تسخن الأرض
أعدت حليبا وخبزا وملأت جرة الماء، وعلقتها على العمود الخشبي في مدخل الخيمة، وقبل أن تنغمس قدماها في الرمل البارد، عادت وفتحت الستار واتجهت بالحديث لصغيريها النائمين: سأغيب فرسخا وسأعود قبل أن تستيقظا، والتفتت إلى يعقوب: انتبه يا يعقوب لأختك ولا تتركها تخرج تحت الشمس.