أنا عملت في أكثر من بيئة. بعد شوي بتكلم لكم عن البيئة الغريبة اللي أنا فيها.
قبل الحديث عنها، لابد وأن أسرد لكم طبيعة الأعمال التي قمت بها سابقاً. أول تجربة عملية لي كانت سكرتير تنفيذي لرائد أعمال فذّ، طموح ومتمكن، مذهل جداً، أعطاني الفرصة لمجرد أنه رأى فيني القدرة والإمكانيات، لم أمتلك خبرة إدارية سوى بضع تجارب اكتسبتها من العمل مساعداً لوالدي سابقاً.
قال لي في أول الأيام: "أشوفك تقدر، واسمح لي بسألك؛ تبغى تكون عادي يا خلف؟" وكأنه رأى في عيني عقدتي ومعتركي في الوجود، والخوف من العاديّة. وأنا الذي لم يُقدم على أي عمل أو جهة حكومية إطلاقاً، لإيماني بأن النماء وإختبار القدرات الحقيقية وتطويرها يكون في القطاع الخاص بالدرجة الأولى.
كانت البيئة ديناميكية، نشيطة للغاية، نعقد الإجتماعات يومياً وندير حوالي ٩٠ فرع والعديد من المصانع، ونتحدث عن أنشطة وأعمال أخرى. كانت ثقته فيني وتوليّي في غيابه مسؤوليات الإدارة، أكبر دروس معرفية حقيقية للعمل والتعامل وتحديات اكتسبت منها مهارة جعلتني اليوم أشعر بإمتنان دائم له.
كان الموظفين من جنسيات عربية مختلفة، وكان هناك زملاء سعوديين أصحاب خبرات، كوننا علاقة جيدة معاً ونتشارك الأعمال والمهام ونتعاون على أكمل وجه. وكان المبنى، يضج بالحديث والأصوات ومزدحم غالباً. وكان الجميع يلقي التحية رغم المعتركات وبعض الحساسيات السخيفة التي تحدث في كل بيئة عمل.