- صاحب المنشور: زهور الموريتاني
ملخص النقاش:
### التدخل العسكري الروسي في سوريا: دراسة تحليلية للأهداف والنتائج والتأثيرات الجيوسياسية
بدأ التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015 كرد فعل مباشر على التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في المنطقة. هدف الرئيس فلاديمير بوتين إلى تعزيز دور روسيا كلاعب عالمي رئيسي ومُجدد التأكيد على النفوذ الاستراتيجي لروسيا في الشرق الأوسط. ومن خلال دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، سعى بوتين إلى تحقيق عدة أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية.
فيما يتعلق بالأهداف، تركزت جهود روسيا بشكل كبير على ثلاثة محاور رئيسية:
- تعزيز الأمن القومي: لقد رأى الكرملين وجود تهديدات محتملة لأمنها من خلال ظهور جماعات متمردة وإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). بالتالي، جاء تدخله لحماية مصالحه الخاصة وضمان عدم توسع هذه الجماعات إلى حدودها.
- الاستعادة الاقتصادية: تضمنت السياسة الروسية أيضاً زراعة نفوذ اقتصادي مستدام في سوريا بعد الحرب. حيث وقعت عقوداً مهمة للنفط والغاز وغيرها من مشاريع البنية التحتية مع الحكومة السورية مما يعزز حضورها التجاري والعسكري في البحر الأبيض المتوسط.
- إعادة ترسيم خريطة الطاقة العالمية: تعد سوريا نقطة اتصال هامة بين خطوط الأنابيب الأوروبية وأوروبا وآسيا. أصبح للمناطق الصديقة لروسيا تأثير أكبر بكثير على الطرق المستقبلية لتوزيع موارد الطاقة.
بالانتقال إلى نتائج هذا التدخل، حققت القوات الجوية والبحرية الروسية نجاحات عسكرية ملحوظة في سوريا. كما أدى الدعم الروسي الفعال لنظام الأسد إلى استعادة معظم المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة سابقًا. بالإضافة لذلك، برز دوره المحوري في المفاوضات الدولية بشأن الحلول السياسية للحرب السورية الأمر الذي يعني رسمياً مكانته الجديدة كأساس للتوازن الدولي.
ويمكن رؤية تأثيراته الجيوسياسية الواسعة عبر عدة جوانب:
- الدور الجديد لموسكو: أكدت روسيا قدرتها على القيام بعمل عسكري فعال خارج حدودها وشكلت شريكا أكثر أهمية للقوى الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية.
- القوة الناعمة مقابل القوة الصلبة: بينما يعتمد حلفاء الولايات المتحدة تاريخياً على مقاييس الثقل العسكري التقليدي، فقد أثبتت موسكو بأن لها تأثير مؤثر رغم كونها أقل قوة بالمقارنة مباشرة.
- زيادة تحديات السياسة الخارجية الأمريكية: إن القدرة الروسية على إجراء عمليات عسكرية مستقلة -بغض النظر عن مدى فعالية تلك العمليات- تشكل ضغطاً اضافياً على السياسيين الأمريكيين الذين يحاولون إدارة ملفات طاقة وصراع دولية متنوعة حول العالم.
وفي النهاية، فإن الآثار طويلة المدى لهذا التدخل ستظل موضع نقاش واسع بين المؤرخين والخبراء السياسيين لعقود قادمة. إلا أنه من الواضح اليوم أنها غيرت المشهد الإقليمي والدولي بطرق عميقة ومتعددة الأبعاد.