عند تخرّجك من المدرسة، آخر مراحل التعليم الشامل والمتجانس، يحدّد لك المجتمع مسارات معدودة لتختار منه

عند تخرّجك من المدرسة، آخر مراحل التعليم الشامل والمتجانس، يحدّد لك المجتمع مسارات معدودة لتختار منها ما يضمن لك راتباً، ولمحيطك وجاهةً، ولوطنك إنتاجي

عند تخرّجك من المدرسة، آخر مراحل التعليم الشامل والمتجانس، يحدّد لك المجتمع مسارات معدودة لتختار منها ما يضمن لك راتباً، ولمحيطك وجاهةً، ولوطنك إنتاجيةً. يحتّم عليك التخصص الذي يصبح جزءاً من هويتك، ومعياراً لقيمتك، ولعنةً تلاحقك بقية حياتك.

مقالي الجديد: https://t.co/Xdgrdjwplz

التخصص حقيقة باقية معنا، وهو سبب رئيسي لتطور أي مجتمع. مع ذلك، فإن طأطأة الرأس المستمرة في مجال واحد فقط لها ضريبة لا مفر منها، هي محدودية الأفق والانفصال عن الواقع ونسيان لغة العامة والتوجس من الانغماس في المجالات الأخرى رغم أهميتها في التكوين الفكري للإنسان.

التخصص العلمي لا يعني انتفاء الحاجة للفلسفة والتاريخ والفنون والآداب، والتخصص الأدبي لا يخلق عجزاً عن فهم العلوم الطبيعية. المرونة هي إحدى أجمل الملكات الأساسية للبشر، والتخصص ليس عذراً لتجاهل النظرة الشمولية للإنسان والطبيعة والحياة، والابتعاد عن محاولة توسيع المدارك والآفاق.

إذا تأملنا في المجال الأكاديمي، نجد أن المعرفة بدأت كدولة لها لغة واحدة، فتعددت لهجات المدن، إلى أن تعددت اللغات في كل مدينة، فأصبح الباحث المتخصص يعجز عن التواصل مع المتخصصين في المجالات الأخرى، وعن الربط بين لغة تخصصه ولغة المعرفة الأم، ويجهل مكانه بالدولة رغم تميزه في مدينته.

قتلت دقةُ التخصص الروحَ الفلسفية التي نشأ عليها نظام الدكتوراة، حيث الأولوية اليوم لخلاصة الدراسات والاكتشافات، أما تاريخ التخصص وفلسفته فكأنها مضيعة للوقت بمعلومات عفا عليها الزمن. عندما تتخصص في مجال ما، فإنك تسلم فوراً بمسلّمات لا وقت للخوض بها بسبب التراكم المستمر للمعلومات.


فاطمة البرغوثي

4 مدونة المشاركات

التعليقات