- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
مع تزايد الاعتماد العالمي على الأجهزة الرقمية والإنترنت، يواجه جيل المراهقين اليوم تحديًا جديدًا ومتمثلًا في تأثير هذه التقنيات على صحتهم العقلية. هذا القطاع العمراني الحساس الذي يتطلع إلى تحقيق الهوية الذاتية وتكوين علاقات شخصية قوية قد أصبح أكثر عرضة للأثر السلبي للتكنولوجيا بسبب طول فترات التعرض لها وكيفية استخدامها.
من جهة، توفر وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتنوعة العديد من الفرص الإيجابية للمراهقين. فهي تقدم منصة للتعلم المستمر والمشاركة الثقافية والفكرية، كما تعزز الشعور بالانتماء المجتمعي عبر مجموعات الاهتمام المشترك. بالإضافة لذلك، يمكن لهذه المنصات كون مكاناً آمناً حيث يشعر بعض الشباب بأنهم أقل تعرضاً للتحيز أو عدم القدرة على التعبير بحرية عن آرائهم وأفكارهم الشخصية.
لكن هناك الجانب الآخر لهذا العملة الذهبية الإلكترونية. فقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود ارتباط بين ارتفاع استخدام الشاشات وانخفاض مستويات الراحة والسعادة لدى فئة المراهقين. حيث تتسبب ضغوط مقارنة الذات بمجموعات الآخرين -والتي هي ظاهرة شائعة جدًا ضمن عالم الإنترنت- في زيادة معدلات القلق الاكتئاب والشعور بعدم الكفاءة الذاتية. كذلك فإن نوع المحتوى الذي يتم استهلاكه يلعب دوراً كبيراً؛ فالترهيب والإساءة عبر الشبكة العنكبوتية يمكن أن يؤديان إلى مشاكل جدية فيما يتعلق بصحة نفسية المستخدم الصغير.
ومن الأمثلة الواقعية لتلك التأثيرات الضارة ظهور حالات مثل "متلازمة الوحدة الاجتماعية". وهي حالة تصاحب الأشخاص الذين يقضون وقت طويل أمام الشاشة ويتعاملون مع العالم الرقمي بينما يعيشون حياة منعزلة تقريبا بعيدا عن العلاقات الإنسانية مباشرة. هذه الحالة غير مألوفة بالنسبة لحالات الاكتئاب التقليدية إذ أنها ترتبط غالبا بنمط الحياة المنتشر حاليا والذي يغذي الفرد بروايات خيالية متعددة ولكنه يحرمه أيضا من خبرات اجتماعية حقيقية حيوية لبناء ثقتنا بأنسنفسنا وبالمكان حولنا.
وفي الوقت نفسه، يعد الاستخدام الزائد لأجهزة الهاتف المحمول والأجهزة الأخرى جزءا أساسياً من نمط حياتنا الحديث. لذا، ينصب التركيز الآن على كيفية تشجيع واستثمار تلك الطاقة الرقمية بطرق تعزز رفاهية الناشئة وليس تهدرها. وهذا يعني تثقيف الطلاب وأولياء أمورهم بشأن مخاطر الانغماس المفرط وكذلك تقديم دعم متخصص لمن هم بحاجة إليه.
وفي النهاية، فنحن نرى هنا قضية معقدة تحتاج حلولا متعددة جوانب تجمع بين المعرفة العلمية والدعم الأسري الجاد والحكمة العملية. إن فهم الآثار البيئية الجديدة للعصر الحالي ضرورة ملحة لمساعدة الأطفال والشباب على التنقل فيه بكل سلام وأمان عقلي وصحيّ.