على غفلةٍ منها وقفتُ جوارها
أُريدُ قطاري.. وهْيَ تَبغي قِطارَها
.
وكنتُ وحيداً حينَ كانتْ قبيلةً!
تُكفكفُ بالكفِّينِ شَعراً أحارَها
.
تُراقِبُها عيني انتباهاً وخِلسَةً
وفي القلبِ ما يُملي عليَّ حِوارَها
.
أمِن نَجْد؟ لم تَنبِسْ.. ولكنْ كأنّها
ببسمتها قالتْ: فديتُ اصفرارَها!
فأومأتُ أنْ: أهلاً وسهلاً ومرحباً
بمن أظهَرَتْ منها العيونُ ديَارَها
.
قتيلُكِ حِمصيُّ الولادةِ والهوى
ولمَّا يَزلْ للخالديةِ.. جارَها
.
أعيشُ على الآمالِ والشوقِ والأسى
وفي أضلُعي الأحلامُ توقدُ نارَها!
.
أنشربُ شيئاً؟ ثَمَّ مقهىً قريبةٌ..
وأشَّرْتُ أنْ سِيري، خشيتُ اعتذَارَها!
غريبَينِ كنّا في بلادٍ غريبَةٍ
نُطاردُ دُنيا لا نُطيقُ انتظارَها
.
بأعيُننا خوفُ الحياةِ وأمنُها!
وطيفُ بلادٍ قد شَهِدنا احتضَارَها
.
أيا جارةَ المنفى سَئمنا حياتنا
وقد تَسأمُ الأمُّ العجوزُ صِغارَها..
.
لكم أظهرتْ نَفسٌ رضاها بدمعَةٍ
وخارت نفوسٌ وهْيَ تُبدي انتصَارَها!
على رسلكِ المقهى هنا.. فتفضّلي
سأسقيكِ "موكا" تُدمنينَ مَرارَها!
.
فقالت كلاماً لستُ مُقتنعاً بهِ
وبالرغمِ من هذا كرهتُ اختصارَها!
.
أفيضي علينا بالحديثِ وأكثري
وردّي على الروحِ اليبابِ اخضرارَها
.
فلو لم يقل ربّي "وما هُمْ" سألتُهُ
تحمُّلَ أوزارٍ حَمَلتِ.. ونَارَها!
أنا يا ابنةَ الأعرابِ لستُ بعابرٍ
لأبقى ثلاثاً فيكِ أرجو اندثَارَها
.
أنا ضيفُ هذا الوجهِ، أنتظرُ القِرى
حياةً حياةً.. ليلَها ونَهَارَها
.
صديقينِ صرنا بعدَ فِنجانِ قهوةٍ
فعن روحكِ البيضاء ألقي خِمارَها
.
وهدّي جدارَ الخوفِ بينَ عيوننا
كما قبلَنا برلينُ هَدّتْ جدَارَها!