تأثير الأزمات الاقتصادية على الاستقرار الاجتماعي: دراسة مقارنة بين دول الخليج العربي

في ظل العولمة الاقتصادية المتزايدة والتقلبات العالمية الكبيرة التي شهدتها الأسواق المالية خلال العقود الأخيرة، برزت الأزمة الاقتصادية كأحد أهم التحديا

  • صاحب المنشور: مراد بن عمر

    ملخص النقاش:
    في ظل العولمة الاقتصادية المتزايدة والتقلبات العالمية الكبيرة التي شهدتها الأسواق المالية خلال العقود الأخيرة، برزت الأزمة الاقتصادية كأحد أهم التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل تأثير الأزمات الاقتصادية على الاستقرار الاجتماعي في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً السعودية والإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين وقطر والكويت. تعتمد الدراسة على تحليل البيانات التاريخية والأوراق البحثية والدراسات الحالة لفهم العلاقة الديناميكية بين الأزمات الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي بهذه الدول الثماني.

السياق العام للأزمات الاقتصادية وأثرها على الاستقرار الاجتماعي

الأزمات الاقتصادية هي أحداث غير متوقعة تشكل ضغوطا كبيرة على النظام الاقتصادي المحلي والعالمي. يمكن لهذه الأحداث أن تتسبب في تقلبات حادة في أسعار الصرف، وتدني قيمة العملات الوطنية، وفقدان الوظائف، وانخفاض الدخل الفردي. وبالتالي، تؤثر مباشرة على الجوانب الاجتماعية مثل الأمن الغذائي والصحة العامة والتعليم والنظام القانوني. يعتبر الاستقرار الاجتماعي مؤشراً أساسياً لقياس مدى نجاح الدولة في إدارة اقتصاداتها أثناء الأزمات والكوارث الطبيعية والحروب الداخلية والخارجية وغير ذلك مما يؤدي إلى اضطراب الحياة اليومية للسكان.

التحليل المقارن لدول الخليج العربي

* السعودية: معروفة بسياساتها البترولية المرتبطة ارتباط وثيق بالأمور السياسية الدولية. أثرت انهيار سوق النفط العالمي عام 2014 بشدة على الاقتصاد السعودي، حيث انخفض إنتاج البلاد بنسبة %18 بحلول نهاية العام نفسه وفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية. أدى هذا الانخفاض الحاد للدخل الحكومي إلى خفض الإنفاق الحكومي الذي يعد مصدرا رئيسيا لنفقات المواطنين. وفي حين لم تسجل المملكة حالات شغب واضحة بسبب تلك الأزمة، فقد ظهرت مؤشرات محدودة للتذمر الشعبي عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.

* الإمارات العربية المتحدة: تتميز بتنوعها الاقتصادي بعيدا نسبيا عن الاعتماد الكبير على عائدات النفط الخام. إلا أنها تأثرت بانكماش القطاعات الخدمية والسياحية نتيجة جائحة كورونا العالمية حديثا. وعلى الرغم من كون الإمارات واحدة من أكثر البلدان تقدما تكنولوجيا واقتصاديا في المنطقة، إلا أنها واجهت تحديات اجتماعية فريدة مرتبطة بقضايا العمالة الوافدة وانتشار البطالة وسط أبناء البلد الأصليين.

* عُمان: تمتلك سلطنة عمان ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد جارتها الجنوبية ولكن اعتمادها عليه أقل بكثير نظرًا لمساهمة قطاع المصايد البحرية والثروة الحيوانية وغيرها من موارد طبيعية أخرى مهمة. ورغم تعرضها لأزمة هبوط سعر النفط عام 2016 والتي استمرت حتى بداية عام ٢٠١٨، حافظت السلطنة حتى الآن على نموذج اجتماعي واستسلام عمالي مستقرة نسبيا بالمقارنة مع باقي الدول الثلاث الأخرى.

* البحرين: تشهد بلدنا الرابع أصغر حجمًا تاريخيًا حالة عدم استقرار سياسي واضح منذ عقود مضت وهو الأمر الذى قد زاد سوءً عقب اندلاع موجة الربيع العربي ضد الحكومات الجمهورية الملكية المطالبة بالمزيد من الحرية والتغيير السياسي المؤسساتي. إن غلاء المعيشة وزيادة الضرائب يتصدر قائمة مطالب المنتفضين ضد حكم آل خليفة منذ انتفاضتهم الأولى عام 1994 ثم تجدد حركة الاحتجاج لاحقا بمختلف مدن وخارج مناطق الحكم الرئيسية للمملكة. وتمثل نسبة الشباب السكاني الأعلى سنّا ضمن دول الخليج قاعدة ناريه قابله للنفث تحت أي ظروف اقتصادية حرجة أو خلاف مجتمعي طائفي عرقي سواء كان شعوره بالعدل الإداري وقدرته على التأثير داخل الشارع ملكيين أم معارضين للنظام الحالي كما حدث فعليا عند دخول قوات درع الجزيرة لحفظ الوضع الداخلي "بالبحرين".

هذا ملخص عام يستعرض بعض جوانب تأثير الازمات الاقتصادية علي الاستقرار الاجتماعي بسياقات مختلفة لدول المجلس عضويتها. ستركز الأقسام التالية بشكل مفصل حول خصائص كل دولة فردية بما فيها السياسات الاجتماعية وما ينتج عنها بالتبعية من نتائج اجتماعية واقتصادية ايجابية وسلبية وذلك لاستخلاص دروس مستقبلية هامة لكل واحد منها للحفاظ على مستوى جيد للاستقرار المجتمع


ماجد الرايس

13 Blog Postagens

Comentários