لما ذكرت (السمبوسك) ورد السؤال عن (السوبيا) ، وهي شراب بارد يصنعه أهل الحجاز من الشعير أو الزبيب أو من بقايا الخبز المصنوع من الدقيق الأبيض ، ينقعونه في الماء يوما أو ليلة ، أو أكثر من ذلك بقليل ، ثم يصفونه ، ثم يحلونه بالسكر ، وقد يضيفون إليه قليلا من القرفة .
وهو نوع من الأنبذة المباحة ، التي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يشربها وهي شراب رمضاني في الحجاز ، يتبردون بشربه على الإفطار وبعده ويطفئون به ظمأهم .
ومن قصصي الطريفة مع السوبيا منذ نحو ثلاثين سنة : أنني ذهبت إلى أحد المحلات الشهيرة بصنعها في مكة المكرمة (وليس هو الخضري) ، لأشتري منه ، وذلك في غير رمضان ؛ لأننا في رمضان نصنعها في بيوتنا . وكان صاحب المحل يضعها في برادات كهربائية كالتي توضع فيها العصائر (التوت وغيره) .
لكن كان قد دخل المحل رجل قبلي ، وسمعته يطلب من البائع سوبيا ، ويقول له : «أريد من اللي جوة » ، أي من الجواني (بفتح الجيم) الداخلي ، فذهب البائع لداخل المحل (إلى مكان غير ظاهر كالمخزن) ، ثم خرج ، وأعطا الرجل كيسا فيه السوبيا التي طلبها . فظننت أن هذه السوبيا الجوانية أفضل ،
فقلت للبائع: أريد من السوبيا الجوانية ، فإذا بالبائع يجيبني بعنف قائلا: ما عندنا إلا هذه، وأشار للسوبيا المعروضة في البرادات. فعجبت من تصرفه، ولا فهمت سبب هذا الموقف الغريب منه. ثم بعد فترة يسيرة، لا تزيد عن أسابيع قليلة ، مررت بالمحل نفسه ، فإذا به مغلق بالشمع الأحمر (كما يقال)