- صاحب المنشور: خيري البوعناني
ملخص النقاش:تواجه البشرية تحدياً عالمياً كبيراً يجمع بين القضايا البيئية والاقتصادية والأمنية وهو التأثير المتزايد لتغير المناخ على الإنتاج الزراعي وبالتالي الأمن الغذائي. يشهد العالم اضطرابات جوية حادة مثل الجفاف الشديد والعواصف الرملية والجليدية التي تؤدي إلى تدمير المحاصيل وتقلل من إنتاج الغذاء. هذه الظاهرة ليست مجرد خطر محتمل للمزارعين؛ بل هي تهدد مستقبل الأغذية العالمية واستقرار الأسواق الدولية.
وفقاً للتقارير العلمية الحديثة، فإن ارتفاع درجات الحرارة نتيجة الاحتباس الحراري يؤثر بشكل كبير على نمو النباتات وموسم زراعة المحاصيل الرئيسية كتلك المنتجة للحبوب والبقوليات والخضروات والفواكه. كما يتسبب تغير المناخ في حدوث أمطار مفاجئة وغزيرة تتبعها فترات طويلة بدون هطول مطري مما يعيق عملية الري ويضعف التربة. بالإضافة لذلك، ينتج عنه انتشار الأمراض الحيوانية والنباتية بسبب الانتقال غير الطبيعي لبعض الكائنات الدقيقة عبر مسافات طويلة تحت تأثير التغييرات البيئية.
الأثر المباشر على المجتمعات
إن الآثار الأكثر أهمية للتغيرات المناخية تتمثل في انعدام الأمن الغذائي الذي يؤدي مباشرة إلى الفقر والمجاعة خاصة في البلدان المنخفضة الدخل والتي تعتمد بشكل كبير على القطاع الزراعي. حيث أدى عدم الاستقرار الموسمي لموارد المياه ودرجة الحرارة إلى نقص الغذاء وانخفاض نوعيته وقيمته الغذائية. وهذا الوضع قد يؤدي أيضا إلى نزوح السكان بحثا عن موارد غذائية جديدة، الأمر الذي يمكن أن يساهم في زيادة حالات الصراع الداخلي حول الأرض والمياه وغير ذلك من الموارد الضرورية الأخرى.
ومن الناحية الاقتصادية، فقدت العديد من الدول المصدرة للغذاء القدرة على تحقيق عوائد اقتصادية كبيرة كانت توفر لها سابقاً، نظراً لانخفاض قدرتها الإنتاجية بسبب ظروف الطقس المضطربة. وقد خلق هذا الواقع سوقاً دولياً متقلبة ومتأثرة بتقلبات العرض والطلب، ولذلك أصبح هناك حاجة ملحة لتحويل السياسات الحكومية نحو نهج أكثر استدامة لإدارة الموارد الطبيعية والتكيف مع تغيّرات المناخ والحفاظ عليها.
حلول مستقبلية
لتعزيز مرونة الأنظمة الغذائية، يجدر بنا النظر في مجموعة متنوعة من الحلول التقنية والتشغيلية والتنظيمية. ومن أبرز تلك الحلول اعتماد تقنيات الري الذكية والاستثمار في بحوث تطوير الأصناف الزراعية الجديدة المصمَّمة خصيصاً لتتحمل مختلف أنواع الضغوط البيئية المحتملة المستقبليَّة. بالإضافة لذلك، تشجيع البرامج التعليمية والدورات التدريبية الخاصة بممارسات العمل الزراعي الموفرة للطاقة والسكنة بالمياه، وكذلك دعم مشاريع إعادة تأهيل الأراضي الصحراوية وإعادة التشجير الواسع النطاق لمنطقة الساحل الأفريقي مثلا.
وفي النهاية، يتطلب مواجهة تحدي تغير المناخ تعاوناً عالمياً واسع المدى ضمن منظومة شاملة تضم جميع الجهات المعنية سواء كانوا مؤسسات حكومية أو شركات خاصة أو أفراد، وذلك بهدف ضمان حق الجميع - ولا سيما الفقراء منهم – في الحصول على طعام آمن وكافي وصحي.