تيسيرالنجار: التقيتُ به في نهاية رحلتي في سجن الوثبة، أيام الانتظار الحارق للحكم القضائي الذي سيح

#تيسير_النجار: التقيتُ به في نهاية رحلتي في سجن الوثبة، أيام الانتظار الحارق للحكم القضائي الذي سيحدد حياتي بعدها. كأي سجين آخر، وصل تيسير لعنبر 9 زا

#تيسير_النجار:

التقيتُ به في نهاية رحلتي في سجن الوثبة، أيام الانتظار الحارق للحكم القضائي الذي سيحدد حياتي بعدها. كأي سجين آخر، وصل تيسير لعنبر 9 زائغ العينين خارجا من الانفرادي الذي ملأ فؤاده بالشوق إلى أُنسِ الإنس حتى لو كان ذلك في السجن، طارت الأخبار، ثمة صحفي في العنبر.

لم نأخذ وقتا طويلا لنصبح أصدقاء، واحتفت العقول القارئة بتيسير وانضم إلى عائلة المظلومين وإلى جلسات النقاش اليومية التي تحدث في أي مكان نحل به، طاف المكان حاملا قلمَه حيثما ذهب، معه دفتر صغير وعقله الحاد لا يتوقف عن التساؤل والنقاش، ماذا حدث؟ ولماذا حدث ما حدث؟

يبكي كالطفل، يذكر عائلته دائما، يتهم نفسه بأنه خذلهم، جُرح الأب والزوجِ الذي حمله معه إلى النهاية، يعتذر لهم في كل اتصال، واللوعة لم تفارقه، إيه يا صديقي وقد ظننتك أنك ذهبت للحياة أقل ندما، غادرتها يا صديقي وبقي ظالموك، ألا لعنة الله على الظالمين!

يصل صحفيٌ إلى عنبر تسعة، عنبر الأمن والقتال اليدوي، وسقوط الدماء والأسلحة المخبأة في الأماكن السرية، في أشد أزمات العنبر اشتدادا يصل تيسير ليكتشف حقيقة أخرى من حقائق المكان المرَّة، منع الكتب، والجرائد، والتوقف عن الوجبات، والعقوبات المفضلة لسجّاني الوثبة.

أسوأ الظروف تلك كانت أفضلها، نعم، من منظور سجين قضى شهورا في الحبس الانفرادي شكّل العنبر له كما شكل لنا أجمعين مساحة حريةٍ أكبر من القبر الانفرادي، يبكي كالطفل مع كل ربع ساعة ينال فيها حق الاتصال بعائلته، مرة كل أسبوع، مرتان بالكثير، ويلوم نفسه كل ثانية تمضي، لماذا حدث ما حدث؟


Comments