موضوع اليوم عن معالم الإختلاف بين الأئمة:
لقد اختلف الأئمة في كثير من الأمور الاجتهادية كما اختلف الصحابة والتابعون قبلهم وهم جميعاً على الهدى ما دام الاختلاف لم ينجم عن هوى أو شهوة أورغبة في الشقاق فقد كان الواحد منهم يبذل جهده وما في وسعه ولا هدف له إلاّ إصابة الحق
يتبع{١}
وإرضاء الله جل شأنه ولذلك فإن أهل العلم في سائر الأعصار كانوا يقبلون فتاوى المفتين في المسائل الاجتهادية ما داموا مؤهلين فيصوبون المصيب ويستغفرون للمخطئ ويحسنون الظن بالجميع ويسلمون بقضاء القضاة على أي مذهب كانوا ويعمل القضاة بخلاف مذاهبهم عند الحاجة من غير إحساس بالحرج
يتبع{٢}
أو انطواء على قول بعينه
فالكل يستقي من ذلك النبع وإن اختلفت الدلائل وكثيراً ما يصدّون اختياراتهم بنحو قولهم:
هذا أحوط
أو أحسن
أو هذا ما ينبغي
أو نكره هذا
أو لا يعجبني
فلا تضييق ولا اتهام
ولا حجر على رأي له من النص مستند
بل يسر وسهولة وانفتاح على الناس لتيسير أمورهم
يتبع{٣}
لقد كان في الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم ومن بعدهم من يقرأ البسملة
ومنهم من لا يقرأها ومنهم من يجهر بها ومنهم من يسر وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت فيها
ومنهم من يتوضأ من الرعاف والقيء والحجامة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك
ومنهم من يرى في
يتبع{٤}
مس المرأة نقضاً للوضوء
ومنهم من لا يرى ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل أو ما مسته النار مساً مباشراً ومنهم من لا يرى في ذلك بأساً.
إن هذا كله لم يمنع من أن يصلي بعضهم خلف بعض كما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأئمة آخرون يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية
يتبع {٥}