- صاحب المنشور: دنيا البدوي
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي الذي يتسم بسرعة انتشار المعلومات والتواصل المستمر مع العالم، أصبح بوسعنا عبر الإنترنت الوصول إلى ملايين الأفراد بكل سهولة. هذا التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال أدى إلى ظهور وتوسيع نطاق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. بينما تحمل هذه الوسائل فوائد عديدة مثل تعزيز الروابط الاجتماعية والوصول إلى معلومات عالمية، فإن لها أيضا جوانب قاتمة خاصة فيما يتعلق بصحة الشباب النفسية والعقلية. سنستعرض هنا التأثيرات المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة العقلية الشابة وكيف يمكن مواجهتها.
القلق والاكتئاب:
أظهرت الدراسات الحديثة وجود علاقة قوية بين الاستخدام المتكرر لمنصات التواصل الاجتماعي والمخاطر الصحية المرتبطة بالتوتر والإجهاد والقلق والأفكار الانتحارية لدى الفئة العمرية الأصغر. يواجه العديد من المستخدمين الضغط بسبب مقارنة حياتهم بحياة الآخرين الذين قد يعرضون فقط أفضل لحظاتهم على المواقع الرقمية مما يؤدي غالبا إلى الشعور بالنقص وعدم الرضا عن الذات. بالإضافة لذلك، التعرض المستمر للأخبار السلبية والحملات الدعائية التي تركز على الجمال المثالي يمكن أن يساهم أيضا في زيادة مستويات القلق والاكتئاب.
العلاقات الشخصية مقابل العلاقات الرقمية:
تشكل وسائل التواصل الاجتماعي تحديا كبيرا للعلاقات الإنسانية التقليدية. قد يستبدل بعض الأشخاص الوقت الحقيقي للتفاعل بالحالة الافتراضية للشبكات الاجتماعية حيث يغيب التواصل غير الكلامي ويتلاشى الشعور بالحميمية في الدردشة الكتابية أو الفيديو المرئي فقط. هذا التحول نحو "العيش" رقمياً يمكن أن يخفض مستوى مشاركة الأفراد في الأنشطة المجتمعية المحلية وينمي عزلة مجتمعية مزمنة تؤثر بشدةعلى نوعية الحياة والصحة العامة.
حماية الأطفال والشباب:
من الأمور الحرجة الأخرى هي الطريقة التي تتلاعب بها شركات التواصل الاجتماعي بخصوصية ومصداقيتها بشأن البيانات الخاصة بالأطفال والمراهقين باستخدام خوارزميات متطورة لتوجيه محتوى عالي الإدمان ويحفز رغبات التسوق العنيفة وغيرها من التصرفات المضرة بطبيعتهم الطبيعية. وبالتالي فهي ليست مجرد مساحة مفتوحة للمعلومات بل أرض خصبة للاستقطاب والاستثمار التجاري المكثف الذي يدفع باتجاه المزيد من الانشغال الذهني والنفساني الصحي للأجيال الناشئة.
حلول عملية:
إن إدراك مشكلة الاعتماد الزائد على وسائل الإعلام الجديدة ليس بالأمر الجديد ولكن تقديمه ضمن خطوات عمل قابلة للتطبيق هو هدف قابل للتحقيق بسهولة نسبيا إذا تم تبني استراتيجيات مدروسة بعناية. أول الخطوات العملية هي تثقيف الجمهور حول الآثار المدمرة لاستخدام هاته الأدوات بنسب عالية بدون رقابة ذاتية كافية سواء بالنسبة للبالغين أم الأطفال. هناك حاجة ماسّة أيضًا لنشر ثقافة اعتدال الاستعمال وتعليم كيفية إدارة وقت فراغ فعال عوض ترك المجال واسعا أمام الهواجس الإلكترونية المفرطة والتي تعد سببا أساسيا لسلوك مرضي كتلك المرتبطة بأمراض نفسية مختلفة كالاضطراب ثنائي القطب مثلاً. كما ينصح بتحديد فترات زمنية محددة لكل جلسة واستخدام تلك الفترة حقاً لتحسين مهارات اجتماعية عميقة قائمة على الاحترام المتبادل وصلة الرحم والحفاظ