- صاحب المنشور: بثينة الزاكي
ملخص النقاش:
في عالم اليوم المعاصر، أصبح التطرف الديني ظاهرة مثيرة للقلق الشديد خاصة داخل المجتمعات الإسلامية. هذا الظاهرة ليست مجرد وجه جديد لمعاناة طويلة الأمد فحسب؛ بل هي أيضًا تحدٍ داهم يتطلب فهمًا عميقًا وجذرًا صحيحًا للتعامل معه. يشير مصطلح "التطرف" إلى الأفكار أو الأعمال التي تخرج عن نطاق القبول العام وتتجاوز الحدول المتعارف عليها اجتماعيًا أو دينيا. ويعدُّ التطرف الديني أحد أكثر أشكال هذه الظاهرة خطورة حيث يؤدي غالبًا إلى العنف والكراهية والانقسام الاجتماعي.
يتجذر التطرف عادةً في مجموعة معقدة ومتشابكة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية. يمكن ربط العديد من الحالات التاريخية للتطرف بإحساس قوي بالظلم وعدم الرضا عن الوضع الحالي للمجتمع. كما يلعب الفقر والاستبعاد السياسي دورًا كبيرًا في تغذية المشاعر المتطرفة لدى بعض الأفراد والمجموعات. بالإضافة لذلك، فإن التقسيم الغير متوازن للقوة داخل المجتمع قد يدفع البعض نحو البحث عن حلول جذرية خارج النظام الرسمي الذي يعتبرونه غير عادل.
بالنسبة للدين نفسه، يمكن استخدام مفاهيم وممارسات مختلفة لتبرير التصرفات المتطرفة. فعلى سبيل المثال، ربما يقوم متطرفون بتفسير نصوص دينية بطريقة تحريضية لتحقيق أغراضهم السياسية الخاصة، مما يغذي دائرة من العنف المستمر يستغلها السياسيون للتلاعب بالأفكار العامة. إن الاستخدام الخاطئ لهذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية يعد انتهاكا واضحا للإسلام الذي يحث دوما على السلام والتسامح والوسطية.
من المهم أيضا النظر إلى تأثير وسائل الإعلام الحديثة والإعلام الاجتماعي الكبير في نشر رسائل التطرف بين الشباب بشكل خاص. توفر شبكات الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي مساحة واسعة لأصحاب الرأي المؤدلجين لنشر أفكارهم بسرعة كبيرة وبأثر بعيد المدى مقارنة بوسائل الاعلام الكلاسيكية. وهذا الأمر يحتم ضرورة وجود رقابة مجتمعية وإعلام حكيمة لمنع تفشي مثل هذه الأفكار الضارة والتي ليس لها أساس شرعي ولا أخلاقي صحيح.
لتقليل خطر التطرف الديني، هناك عدة استراتيجيات محتملة يمكن اعتمادها. أولها هو تعزيز التعليم الجيد الذي يعزز القيم الإنسانية والقومية ويعمل على تطوير القدرات النقدية للأفراد لإدراك الفرق الواضح والفارق الهائل بين الخطاب المعتدل والمعتزل من جهة والخارج عن القانون وغير القانوني وغير الأخلاقي من جهة أخرى. ثانيها تشجيع الحوار المفتوح والصريح حول القضايا ذات الصلة مع التأكد من الوصول إلى المعلومات الصحيحة المبنية على الحقائق وليس على خيال شائعات كاذبة بلغة هادئة وخالية من التحريض. وأخيراً، العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية الاقتصادية والسعي لتحسين مستوى الحياة الأساسية للفئات الأكثر فقرا واستضعافاً وذلك لقطع الطريق أمام أي محاولة لاستغلال تلك المواقف لأهداف سياسية ضيقة وفاسدة تجني منها أبواق الفتنة only المزيد والمزيد من المكاسب الشخصية. إنها مسؤولية مشتركة تتطلب التعاون الوثيق من كافة قطاعات المجتمع المحلي والعالمي لمواصلة مكافحة جميع مظاهر التطرف بحزم والحفاظ على روح التعايش السلمي والتناغم الاجتماعي المنشودتين وفق رؤية الإسلام المحمدي الأصيل.