كيف لنا أن نتجاوز ظاهرة الاستبداد عقلا ونظرا قبل تجاوزه على مستوى الظاهرة السياسية في العالم العربي! أعتقد أنه من الضروري استيعاب ثنائية "الحالة السياسية" مقابل "الحالة الطبيعية"، فإن كان الإنسان حرا في الثانية حرية كاملة، فإنه يتنازل عن "جزء من حريته" في المجتمع المدني.
تابع?
٢) وبهذا يتم تأسيس "الحرية الإنسانية" في صميم الطبيعة، من حيث إن التنازل عن "الجزء" لا يعني إنتاج سلطة سياسية مطلقة وشمولية تجعل ذاتها بمثابة العقل والإرادة الفردية للإنسان حتى تصل إلى التعالي عن النقد والمراقبة، فاختيار الإنسان للسلطة بموجب العقد الاجتماعي يعني أن السيادة له
٣) خالفت التيارات الدينية منطق السياسة وفلسفتها بنقل السيادة من المجتمع إلى جعلها لله تعالى، فأصبح الحاكم ظل الله والناطق باسمه، وتحولت السياسة عند هؤلاء إلى إكليروس يمثله من يسمون بأهل الحل والعقد كبديل للنظام الكنسي، وأصبحت السلطة تقديسا وثقافة عربية، في ظل تنامي التوتاليتارية.
٤) تحولت الثقافة التقديسية التي طمست الفكر السياسي بوصفه تاريخا وشأنا دنيويا، إلى تنظير في ظل مصطلح "الحاكمية لله" على الرغم من وجود الإشارات القرآنية ضدها، كالاستخلاف، وذلك عند المودودي وسيد قطب حتى تحولت إلى فكر إرهابي يقوض الدولة الحديثة.
٥) دفع هذا الفكر إلى تدشين مصطلحات مثل "جاهلية القرن العشرين" وتكفير الحكام، مما فتح الباب لنقل الجهاد الإسلامي وإعلانه ضد المجتمع ذاته وحكامه، فنشأت ثقافة التوحش والهجرة وسط ما يمكن تسميته بالسياسة اليائسة التي أعادت المجتمعات العربية إلى مربعات التخلف بسبب الصحوة الدينية.