- صاحب المنشور: ألاء السهيلي
ملخص النقاش:
في العصر الحديث الذي يُطلق عليه "العصر الذهبي للتكنولوجيا"، أصبحت أدوات الاتصال المتطورة وأنظمة التعلم الإلكتروني جزءًا لا يتجزأ من المنظومة التربوية العالمية. هذا التحول لم يقتصر فقط على الشكل الخارجي للتعليم، بل طال الجوهر أيضًا، حيث غيرت الطريقة التي ننظر بها إلى المعرفة والإدراك وكيف نقدرها. هذه الأداة الجديدة -التكنولوجيا- تقدم فرصا جديدة لإحداث ثورة في كيفية تقديم المعلومات واستيعابها وطرق تحصيلها.
مع ظهور الإنترنت وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية المتخصصة في مجال التعليم، أصبح بالإمكان الوصول إلى كم هائل من البيانات والمواد الدراسية عبر العالم بأكمله. وهذا فتح آفاقاً واسعة أمام الطلاب والمعلمين على حدٍ سواء. فبدلاً من الاعتماد الكلي على الدروس الصفية المحلية، يمكن الآن الاستفادة من خبرات الأساتذة حول العالم وتوسيع نطاق التعلم لتشمل مختلف الثقافات والحضارات والعصور التاريخية.
كما سهلت التكنولوجيا عملية تبادل الأفكار بين الأفراد والمجتمع الأكاديمي ككل. ومن خلال المنتديات العلمية والبرامج التعليمية عبر الفيديو والشهادات الجامعية عبر الإنترنت وغيرها الكثير، فقد جرى تحديث تعريفنا لكلمة "متعلم" ليصبح أكثر مرونة وانتشارًا جغرافياً. إنه عصر جديد تمامًا للمعرفة؛ إذ يتجاوز الأمر مجرد نقل الحقائق المعلنة سابقًا ليشمل حواراً بنّاء وجهد مشترك للقراءة الفكرية والنقدية.
بالإضافة لذلك، فإن استخدام تقنيات مثل الواقع الافتراضي والألعاب التعليمية يعمل أيضاً على تفاعل أفضل مع المحتوى التعليمي ويجعل العملية برمتها أكثر استمتاعاً وإثارة للإقبال عليها. لكن رغم كل تلك المكاسب الواعدة، هناك أيضا بعض المخاطر المرتبطة بهذا المسار الجديد نحو مستقبل رقمي. إن زيادة اعتمادنا على التقنيات قد يؤدي أحيانًا إلى عزلة اجتماعية أو نقص المهارات الاجتماعية اللازمة للتواصل الحقيقي خارج شبكات النت. بالإضافة لذلك، ربما ينتج عنه عدم القدرة المناسبة على إدارة الوقت وضبط النفس أثناء مواجهة التشتيت الرقمي الذي يتميز به عالم اليوم الرقمي.
إن دورنا كمساهمين في المجتمع التعليمي يكمن فيما نتبعه من منهج معتدل ومتوازن يحقق أعلى درجات الإستفادة مما توفره لنا التكنولوجيا الحديثة بينما نبقى يقظين لأخطارها محتسبيين لها حسابا جيدا. إنها فرصة عظيمة بالنسبة للأجيال القادمة لدمج القديم بالجديد بطرق مبتكرة ومُبتغاة لتحقيق تعليم ممكّن وقابل للاستدامة بصورة أكبر بكثير مقارنة بتلك المتعارف عليها حالياً والتي تعتمد أساسآ على الوسائل التقليدية البحتة. وبذلك فإن التأثير الذي تحدثته التكنولوجيا بالفعل وعلى المدى القصير سيكون أقل أهمية بالمقارنة بالتأثيرات الكبرى والثاقبة ذات العمق والذي سيحدثه تأثيرها معنا وثم بعد رحيلنا جميعا!