في رحاب اللغة العربية الغنية، تحمل مفردة "الوتين" دلالات عميقة ومتعددة المرتكزات، لكن عندما نتحدث عنها ضمن السياق الإنساني والعاطفي، تتجه تفاسيرنا نحو مضامين روحية ونفسية غنية. يشكل مفهوم الوتين في الحقيقة جزءً أساسيًا ولغويًا من تراثنا الشعري العربي، ولكن أيضًا قد اكتسب مكانة خاصة عند الحديث عن قوة العلاقة الحميمة والقوة الدافعة للعشق والجراح التي يمكن أن يتسبب فيها الفراق.

يشير الوتين تحديدًا للشريان الأورطي، وهو ذلك المسلك الحراري الحيوي الذي يمر عبر صدر الإنسان وينقل الحياة والدماء لكل أجزاء الجسد. وبالتالي فهو رمز حيوي يستعمل مجازيًا للدلالة على القلب - ليس فقط كمصدر لنبضات العمر بل أيضًا كمنبع المشاعر والأحاسيس الرقيقة. بهذه المناسبة، يصوِّر المتحدثون والشعراء العاشق بأنه شخص مشدود ارتباطه بموضوع عشقٍه مثل الوصلة الوثيقة بين الوتين وجسم الإنسان. إن قطع تلك الروابط العاطفية أو التوقف المفاجئ لها يعد بالنسبة لهم نوعٌ مماثل لما يحدث لو توقفت جريان الدم في الوتين. هكذا تولد صورة ذهنية توضح مدى هشاشة العلاقات العميقة والتبعية النفسية التي تنجم عنها وهي موضع حساسية كبيرة تجاه أي تبدلات جوهرية بها.

تأثير الحب على وظائف الوتين ليست مجرد تجريد أدبي وإنما أيضا ظاهرة ذات أساس علمي جزئي. دراسات متعددة أكدت وجود علاقة وثيقة بين مستويات إفراز الهورمونات أثناء لحظة الوقوع أول مرة في الحب والإشارات الكهربية المستقبلة من قبل خلايا القلب والمحيط الذروي بالقلب والمعروف باسم "النطاق الأرجواني". إن حالات الاسترخاء والرضى الناجمة عن الحب الواضح تؤدي لتوليد المزيد من الإشارات الكهربائية داخل منطقة منطقة الأنسجة العضلية حول القلب والتي تعتبر الجزء المسؤول مباشرة عن تنظيم تدفق المد والمنسوب لمستوى الضغط داخل عروق وصهاريج الجهاز الدوري الرئيسي للجسد. عكس ذلك تمامًا حينما يعتري الأفراد حالة الانفعال الزائدة نتيجة تعرضهم لصدمة نفسية غير محسوسة سابقا; هنا تخلق الطاقة المكبوتة تغييرا ملحوظا شكليا وحدانيا لشكل بطينات مؤخرة القلب مؤديا لإحداث تلف نهائي بهذا الأخير وقد يصل الخلل حتى درجة منع قدرة الوتين على القيام بدوره الطبيعي فيما يتعلق بتوزيع الكميات الملائمة للكميات اللازمة لكافة مناطقالجهاز الدورة الدموية الأخرى بالم分子 .

كان الشعراء القدماء وغيرهم ممن جاء بعدهم ممن امتلأت نفوسهم بالنضوج الرومانسي سعداء للغاية باختيار استخدام عبارات كالـ "الوتين" للتعبير عن العمق المحبوك للأمورالغامضة بشأن التعالق النفسي بين حبيبين مترابطتين بروابط قوية وممتدة وصعبة المنعطفات التصويرية التقليدية المجردة! لقد ساعد احتفاءهم بهذا المصطلح الخاص بإضافة مستوى جديد لرؤية النصوص القديمة وكان لهذه الخطوات الفنية تأثير كبيرعلى تصويرهن لمختلف المواقف العاطفية المختلفة بداية من أجواء الفرح المكتومة وسط الصداقة السرمدية وانتهاء بغضب العاشقات بعد نهاية قصة حب محكوم عليها بالإسهار منذ البدء بسبب الضغوط الاجتماعية او العقوبات الثقافية الخادشة للآدميين.

وفي هذا الشأن تحديدا كتب الشاعراحمد شوكي أبياته الشهيرة : " يا أقرب الناس من أمين/ وأبعد الناس للثمين/ خطبك هذا أجل خطب/ فضحله باليمين ". بينما وصفالأستاذ خلفان الشويهي حالته الخاصة قائلا: "خبريني واسمعي مني اليقينية / هل عرفتي حبني الصافي المكين ؟!".أما الشيخمحمد الشاذلي فرصد نفسه مسلوب الشخصية أمام مخاوف وهواجس عاشرها بناء على التجربة الواقعية التالية:" قطعت بنا برا ولم ألج بالحماية/ فأقام هنالك ذا الاحتكار لنزيلَه / ركبت هناك وشمرت بشعار الحرب/ ليالوتين وحيي عللت بهدليه."