• صاحب المنشور: هيثم البصري
  
  ملخص النقاش:
  

  التأثير العميق للتكنولوجيا على حياتنا اليومية غير قابل للإنكار. مع تزايد العمل عن بعد بسبب جائحة كوفيد-19، أصبح العديد من الأشخاص يعملون من بيوتهم باستخدام أدوات ومعدات رقمية مختلفة. هذا التحول الكبير قد أحدث تأثيراً ملحوظاً على الصحة النفسية للأفراد الذين يعتمدون عليه.

من ناحية، يمكن لتكنولوجيا العمل عن بعد تقديم مرونة كبيرة وتوفير الوقت الذي كان يُنفق سابقًا في التنقل بين المنزل والمكتب. ولكنها أيضاً تعني غياب الحدود الواضحة بين الحياة الشخصية والعملية مما يؤدي إلى "التواجد المستمر" - وهو الشعور بأن الشخص متاح دائمًا ومتوقع منه الاستجابة الفورية لكل الرسائل أو المكالمات الهاتفية التي تأتي عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالعمل. هذه الظروف قد تساهم في زيادة مستويات الضغط النفسي والإرهاق.

تأثيرات ايجابية محتملة

مع ذلك، هناك جوانب إيجابية أيضًا. توفر التكنولوجيا فرصًا جديدة لإدارة وقت الفرد بطريقة أكثر فعالية ويمكن أن تساعد في الحفاظ على الاتصال والعلاقات الاجتماعية حتى وإن كانت جسديا بعيدة. كما أنها تسمح بزيادة المرونة والاستقلال الذاتي، حيث يتمتع الأفراد بدرجة أكبر من السيطرة على بيئة عملهم وجدول أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوصول المتزايد للمعلومات والمعرفة عبر الإنترنت يمكن أن يعزز المهارات ويطور المعارف الجديدة.

تحديات وصعوبات

رغم فوائد التكنولوجيا، إلا أنها تحمل تحديات خاصة بها فيما يتعلق بالصحة النفسية. فقد أفاد بعض الموظفين بالعزل الاجتماعي والشعور بانقطاع العلاقات الشخصية داخل المؤسسة أثناء العمل عن بعد. كذلك, يمكن أن تكون الاجواء المنزليه مضطربة وقد تؤثر سلبياً على التركيز والإنتاجية إذا لم يكن لديهم مساحة عمل هادئة ومخصصة لهم. إن عدم وجود خطوط واضحة بين نهاية ساعات العمل وبداية الراحة قد يساهم أيضا في الشعور بالإرهاق وقلة النوم الجيد الأمر الذي له آثار صحية نفسية وعضوية طويلة المدى.

حلول واقعية

للحفاظ على توازن صحي بين استغلال تكنولوجيا العمل عن بعد وتحقيق الرفاهية النفسية، ينصح باتباع عدة تدابير عملية: تحديد توقيت واضح لنهاية يوم العمل، تنظيم المساحة المنزلية خصيصا للعمل، تشجيع الانخراط المجتمعي سواء كان محليا أم رقميّا من خلال الأنشطة المشتركة والتواصل المنتظم مع زملاء العمل خارج نطاق الاجتماعات الرسمية.

بشكل عام، بينما تعتبر تكنولوجيا العمل عن بعد حلاً فعالاً وقد حققت نجاحات بارزة لبعض الوظائف والأعمال، فإنه من المهم الاعتراف بالتحديات المرتبطة بها واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الصحة النفسية للأفراد الذين يعملون بهذا الشكل الجديد.