• صاحب المنشور: عبد الخالق بن جابر
  
  ملخص النقاش:
  لقد كان للانقسام السياسي الحاد الذي يعصف بلبنان تأثير عميق ومتعدد الأوجه على اقتصاد البلاد. هذا الانقسام، والذي غالبًا ما يتخذ شكل مواجهات بين القوى السياسية المتنافسة التي تعكس الخلافات الطائفية والتعصب الإقليمي، قد أدى إلى تجميد الحياة السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي المستمر منذ سنوات عديدة.

تتمثل إحدى أهم التداعيات العملية لهذا الوضع في عدم قدرة الحكومة الفعّالة على وضع وتنفيذ السياسات التنموية اللازمة لتعزيز النمو الاقتصادي والاستثمار الداخلي والخارجي. إن الجمود الناتج عن الصراع المستمر حول السلطة والموارد يجعل من الصعب تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين ويضعف الثقة العامة بالنظام المؤسساتي ككل. ويتزايد هذا الضغط بسبب الديون الكبيرة والحاجة الملحة للإصلاحات الهيكلية لتحقيق الأمن المالي.

على الجانب الآخر، أثرت هذه الحالة أيضًا بشكل غير مباشر على مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية الرئيسية. فقد فقد العديد من الشركات المحلية القدرة على المنافسة الدولية نتيجة نقص البنية التحتية الضعيفة وانقطاع الخدمات مثل الكهرباء والمياه العذبة والإتصالات السريعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن البيئة التشريعية المعقدة وغير الملائمة للاستثمار جعلت جذب رؤوس الأموال الخارجية مهمة شاقة للغاية بالنسبة للحكومة.

في نهاية المطاف، تطرح هذه المشكلة تحديًا رئيسيًا للبلد وهو ضرورة المصالحة الوطنية وإعادة بناء جماعة سياسية متماسكة تدعم مصالح الشعب اللبناني قبل كل شيء آخر وذلك لإعادة تأهيل اقتصاده المضطرب حالياً. ومن الواضح أن الحلول قصيرة المدى لن تكون ذات فائدة كبيرة طالما ظلت جذور الانقسام السياسي قائمة وجامدة رغم مرور الوقت عليها. إنه نداء ملح لمراجعة الذات ومبادرة حوار صادقة نحو مستقبل أكثر ازدهارا واستقرارا لكلبيان لبنانيين بغض النظر عن خلفياتهم المختلفة.