تعتبر قارة آسيا مسرحاً رئيسياً لكوارث الفيضانات الهائلة بسبب مجموعة متنوعة من العوامل البيئية والثقافية. تُعد غزارة هطول الأمطار أحد أهم المحفزات الرئيسية لهذه الكوارث الطبيعية؛ حيث يؤدي هطول أمطار مستمر ومتكرر إلى تجاوز سعة التربة لامتصاص المياه، ممّا يؤدي بدوره إلى تجمع مياه كبيرة تتدفق نحو المسطحات المائية والقنوات المائية الصغيرة، مسببة بذلك الارتفاع المفاجئ لمنسوب الماء الذي يمكن أن يستمر لساعات أو حتى أيام.
بالإضافة لذلك، يلعب الذوبان السريع للجليد والثلوج دوراً محورياً خاصة خلال فصل الربيع والصيف. هذا الأمر حاسم خصوصاً حول مناطق الأنهار ذات التضاريس المنخفضة والتي تعد أكثر عرضه للفيضانات. تعتبر موجات الحر الشديد والدوران الجوي المضطرب عاملاً محفزاً آخر للأحوال المناخية غير المستقرة وغير المتوقعة.
دور الأعاصير المدارية ونشاط الرياح الموسمية في خلق بيئة خصبة لحدوث الفيضانات ليس بالأمر البعيد. وفقاً لدراسات علم الأرصاد الجوية، فإن رياح الأعاصير المدارية تحمل كميات هائلة من الرطوبة، عند الاصطدام بالسواحل تتبدد هذه الطاقة كأمطار غزيرة قد تستمر لفترات طويلة نسبياً.
هذه المعادلة المعقدة بين العناصر المناخية المختلفة أدت إلى خسائر بشرية واقتصادية مدمرة عبر التاريخ الحديث لقارة آسيا. شهدت السنوات الأخيرة كارثة طبيعية بعد الأخرى؛ فعلى سبيل المثال، تعرض جنوب نيبال وجنوب شمال الهند وبنغلاديش لغرق عشرات الأفراد وفقدان ملايين الأشخاص لمسكنهم نتيجة الفيضانات التي اجتاحت تلك المناطق. أما في تايلاند فقد تركت الفيضانات آثارها المؤلمة على حياة آلاف السكان بينما خلفت عواصف مشابهة وفيضانات أخرى في مدن مختلفة كالمدينة الهندية "تشيناي" وإندونيسيا والصين ونيبال وسريلانكا أثراً عميقاً سواء كان تأثير مباشراً على حياة الناس أو تداعيات اقتصادية واجتماعية ملحوظة للغاية.
ومن بين البلدان الأكثر تضرراً سنوياً بحالات الفيضان الصيني والياباني تحديداً. فقد ضربت الأمطار الغزيرة أجزاء كبيرة من الصين مؤخراً، مما أدى إلى رفع مستوى المياه بالنهر الرئيسي "يانغتسى"، مما نتج عنه مصرع العديد من مواطنيها وخسارات مادية جسيمة دفعت الحكومة لاتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة الوضع وتحسين إدارة مواردها الطبيعية بشكلٍ شامل ودائم. كذلك، تأثرت اليابان بفعل حالة ركامية مطيرة دامت ستة ايام تقريباً حسب التقارير الحكومية الرسمية، وهو الحدث الذي جاء مصحوباً بكثير من الضرر والحياة البشرية المفقودة بالإضافة لإلحاق ضرر بقابل للعلاج للدخل الوطني .
إن فهم ظاهرة الفيضان ومعرفة عوامل نشوئها أمرٌ حيوي لبناء مجتمع مقاوم للتغير المناخي قادر على التعافي بسرعة واستعادة حياته واستقراره عقب أي ضربة محتملة محتملة تتمثل في مثل هؤلاء الهجمات الطبيعية العنيفة.