تنبعث العجائب الطبيعية للبراكين من الأعماق الرهيبة لكوكبنا، لتنسدل أمام أعيننا كلوحة جمالية مخيفة. لنستكشف معًا الأسرار الخفية خلف هذه الظاهرة المعقدة ونكتشف الأسباب الدقيقة لولادة البراكين من أحشاء أرضنا الملتهبة.

تمركز معظم البراكين حول حواف الصفائح التكتونية، تلك المناطق الديناميكية المتحركة التي تشكل جوهر بنية الأرض. يُعتبر تصادم وحركة هذه الصفائح أحد الآليات الأساسية لإحداث البراكين. فمع تغوص إحدى الصفائح تحت الأخرى -عملية تعرف باسم "الإندسسين"- تصبح درجة الحرارة شديدة الارتفاع وضغط داخلي مرتفع، فتذوب طبقات الصخر المركزي بكفاءة. وهذا الانصهار يؤدي إلى تكون الصهارة التي قد تطرد لاحقاً عبر فتحات البركان وتصل أخيراً للسطح في صورة حمم ملتهبة.

وفي المقابل، حين تنفصل صفائح الأرض بدرجة بطيئة مستدامة، فإن ذلك يسمح أيضًا بمولد براكين فريدة بطابع مميز. هنا، تتمكن مواد مذابة ومحمولة بالقرب من اللب السفلي للأرض بالظهور على السطح مباشرة عبر الفتحات الناجمة بهذا الفصل التدريجي للصفائح. وقد يتم هذا الثوران برفق وباستقرار نسبي أو عكس عكس ذلك تماماً بإطلاق ضخم وقوي يحمل معه طاقة هائلة.

ثم تأتي ظاهرة أخرى تسمى "نقاط الحر"، وهي مناطق توجِد فيها قشرة الأرض حراريّة بشكل غير طبيعي بسبب قربها من لب الكرة الأرضية المغلق المحمي بالحرارة الشديدة. وعندما تمر فوق هكذا نقاط نمط شرائح الصفيحة الخارجيَّة، يحدث خروج تدفق مكثف للشوائب الطينية المتوهجة نحو أعلى؛ نتيجة لذلك نرى ظهور بركان واحد بعد آخر أثناء تحرك الصفائح فوق ذات المكان ذات مرة مجددًا ولكن باتجاه مختلف قليلاً عن السابق! وتميل مثل هذه الاحتكاكات البركانية للاستمرارية لأمد ما يقارب المائتين والخمسمائة ألف سنة بما يعادل دورة حياة جزيرة هاواي الشهيرة مثال حي لهذه الحالة المثالية لسلسلة ابن الملح الروائي كما توضح الصورة التالية لها:

جزر هاواي: شاهد حي علي نشاط بركاني مطبق

بشكل عام، سواء كانت قوة مدفوعة بالتواصل والتلاقي بين ألواح الصخر العملاقة أم مجرد هزار ساكنٍ مستقيم عصيًا على الزمان والمكان ولم تفتر همتهم رغم مرور الوقت، تبقى البراكين شاهداً علي تعاقب مراحل الحياة ودليل قاطع علي سريان تطور واستمراريتها بلا نهاية أبدا...