يُعد سد وادي ضيقة واحدًا من المعالم البارزة ليس فقط في سلطنة عُمان، بل أيضًا في الشرق الأوسط ككل. يقع هذا التحفة الهندسية الرائعة ضمن حزام أخضر شاسع في منطقة المزارع بولاية قريات الواقعة في محافظة شمال الشرقية، وهي المحافظة الثالثة من حيث المساحة بعد محافظتي مسقط وظفار. يتمتع موقع سد وادي ضيقة بمكانة فريدة تتمثل قربها من العاصمة العمانية، حيث تفصله عنها طريق ممهد مسافته نحو 90 كم غرب الدوار الشهير بوادي عدي.
يتمتع الوادي بسلسلة متشابكة من الروافد والمصارف الطبيعية التي تجمع أكثر من ١٢٠ وادٍ صغير ومتنوع، مما يعزز دوره البيئي الحيوي وجعله موردًا مائيًا هامًا يستخدم للري الزراعي والاستخدامات المنزلية والسياحية أيضاً. المصدر الرئيسي لهذه الشبكة القيمة يأتي من ولاية دماء والطائيين الشمالية باتجاه الجنوب الغربي حتى يصل إلى مدخل ولاية قريات بالقرب من الخور المشهور بجبال الحجر.
وتبرز أهميته الجغرافية باعتباره واحدًا من روافد نهر دماء الواليه الذي يحكم نطاقه الإقليمي بين ولايات جنوب وإلى الشمال الشرقي مثل سمائل وطيبة ودماء والطائيين والقابل ووادي بني خالد وغيرها. يعد هذا النظام الهيدرولوجي جزءًا لا يتجزأ من شبكة الأنهار المؤقتة والدائمة والتي تساهم جميعها بشكل كبير في التوازن البيئي والتنوع النباتي والحياة الفطرية الغنية بالمنطقة.
ومن الناحية الهندسية والفنية، يشكّل سد وادي ضيقة رمزًا للتقدم والتطور التقني المستدام في مجال إدارة الموارد المائية المتجددة. تم تصميم وتشييده وفق أعلى المواصفات والمعايير العالمية للأمان والسلامة، وهو عبارة عن تركيب عملاق مزدوج للسدود الرئيسية والجانبية المصممة لتوفير الطاقة الاستيعابية الهائلة لمياه الأمطار الموسمية وحماية المجتمعات المجاورة من الفيضانات المفاجئة خلال فترة ذروة التساقط المطري السنوية.
يتمثل ثنائية السد الرئيسي والجانبي بعمق وتعقيد مذهلين تحت سطح الأرض تقريبًا، ولكنهما يعملان جنبًا إلى جنب لإنشاء مستويات تدفق فعالة للمسطحات المائية خلف حاجزي الصدع العملاق المضيف للبحيرة الاصطناعية الضخمة التي تمتد لمسافة ٨ كيلومترات داخل أحضان الوادي الأخضر المحيط بها. وبفضل هذه التصاميم الذكية يمكن للسد احتجاز ما يقارب ١٠٠ مليون متر مكعب من مياه الأمطار لمواجهة أي نقص محتمل كميات إمدادات المياه لسكان المناطق الريفية وزراعات نخيل التمر المنتشرة بكثرة حول الموقع وكذلك الاستخدامات الأخرى المختلفة.
وفي ظل هذا التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي لأهداف التنمية المستدامة، تأخذ الحكومة السلطانية دور رائد في دعم البرامج التعليمية والأنشطة الثقافية والتراثية توفر فرص عمل جديدة للشباب الطموح الذين يرغبون بدء أعمال تجارية صغيرة مرتبطة بصناعة السياحة المحلية ذات التفرد الخاص خاصة بعد افتتاح منتجع خاص يجذب الزائرين للاسترخاء وسط المناظر الجميلة للجبال المغطاة بالأوراق الخضراء والشلالات الصغيرة المرتبة بطريقة منظمة تخطف الأنظار أثناء رحلة عبر طرق غير ممهدة تؤدي مباشرة لنهر وضفافه المهيبة أمام مرآتان نظرتان تعكسان جمال وروعة خلق الله عز وجل وكرمه للإنسانية جمعاء!
