تُعتبر المياه ركيزة أساسية للحياة على الأرض، فهي ليست مجرد مصدر حياة لكثير من الكائنات الحية بل هي أيضا المحفز الرئيسي للعمليات البيولوجية والكيميائية الهامة. تعد المياه موطنًا لأنواع عديدة من الكائنات البحرية التي تعتمد بشكل مباشر عليها لبقائها. كما أنها تلعب دورًا حيويًا في تنظيم درجات الحرارة، وذلك يعود جزئيًا إلى خصائصها الفيزيائية الخاصة مثل السعة الحراريّة عالية والتغيّر الكبير في حراريْ الانصهار والتبخر.
وفي سياق العمليات الحيوية بالنباتات، تتوسط المياه في عملية البناء الضوئي - وهي العملية الرائدة لتحويل طاقة الشمس إلى غذاء. أثناء هذه العملية، تنفصل جزيئات الماء إلى عناصرها الأولية: الهيدروجين والأكسجين. يستغل الجزء الحيوي للهيدروجين فيما بعد في إنتاج جلوكوز يغذي نمو النبات، بينما يُطلق الأكسجين الزائد إلى جو الكوكب.
من منظور كيميائي حيوي، يلعب الماء دورًا أساسيًا أيضًا في عملية التنفس الخلوي. فهو يساعد على تفكيك مركبات الأدينوسين الثلاثي الفوسفات (ATP) إلى ثنائيات الفوسفات المكتسبة ذات القدرة الأعلى لنقل الطاقة عبر خلايا الكائن الحي. بالإضافة لذلك، يعمل كمستقبل لهيدروجين وثاني أكسيد الكربون الناتجين عن استقلاب الوقود داخل الخلية الإنسانية.
فضلاً عن ذلك، يمثل الماء العنصر الأكثر تواجدًا بكثرة ضمن بناء أجسامنا البشرية - بحوالي ٦٠٪ منها وزنيا وفقا للأبحاث الحديثة-. وهو عنصر مهم للغاية لكل وظائف الأعضاء ونشاطاتها الدقيقة بما في ذلك عمليات الهضم والحركة والاستقرار الداخلي للجسد. علاوة على دوره المعروف لحفظ مرونة الجلد ومنعه من التجفيف المفرط، يحافظ الماء كذلك على مستويات السائل المناسبة لمنطقة المخ والأمعاء الداخلية فضلا عن حاجته الملحة لمساندة الجهاز الليمفي للقضاء على السموم المنتشرة بالمحيط الخارجي لجسم الإنسان.
خلاصة القول، يدخل الماء بكل تأكيد في تركيب كل أشكال الحياة وتصميم خريطتها الوراثية وتنظيم عملياتها البيئية وكيميائيتها الداخلية والخارجية. إن فهم عميق لدوره الطبيعي يمكن أن يقود نحو خلق رؤية أكثر سلامة واستدامة لمستقبل هذا العالم الثمين لنا ولجميع الكائنات الأخرى المقيمة عليه وعلى مياهه الوفيرة.