تُعدّ بحيرات مصر من أهم المعالم الطبيعية التي تتميز بها البلاد وتروي قصصاً تاريخية غنية تعكس الحضارة المصرية القديمة والعصور المتلاحقة. تمتد هذه البحيرات عبر مساحات شاسعة من أرض الفراعنة، لتكون شاهداً على التنوع البيولوجي والثقافي لبلاد النيل. يسعى هذا المقال إلى استكشاف جمال وروعة بحيرات مصر الغامضة، بدءاً من بحيرة ناصر حتى بحيرة قارون الشهيرة، مع تسليط الضوء على خصائصها الفريدة وأثرها التاريخي والحضاري الكبير.
بحيرة ناصر، التي تعرف أيضاً باسم سد أسوان العالي، هي واحدة من أكبر بحيرات العالم الاصطناعيّة. تقع البحيرة جنوب القاهرة مباشرةً وتعلو سطح البحر بمقدار 182 متراً تقريبياً، مما يجعلها مصدر مياه أساسي للأراضي الزراعية والمجتمعات المحلية. عند تشكيلها بعد بناء السد عام 1970، ألقت البحيرة نظرة جديدة تماماً على الحياة اليومية للسكان وأثرت بشكل كبير على الاقتصاد المصري. بالإضافة إلى كونها مصدراً رئيسياً للغذاء وللشحن والنقل النهري، فإن بحيرة ناصر تعتبر موطن لكثير من الأنواع النباتية والحيوانية النادرة مثل طائر البجع الأبيض والأسد القطبي الأفريقي.
في قلب الدلتا، توجد بحيرة إدكو التي تعد مثالاً رائعاً آخر لبحيرة ذات قيمة بيئية كبيرة. تغطي مساحة واسعة من الطرف الشمالي للصحراء الغربية، وتمثل محمية طبيعية هامة لحماية العديد من أنواع الطيور المائية وموائلها الخاصة. كما أنها توفر فرصة فريدة لعشاق التصوير والباحثين العلميين لاستكشاف عالم متنوع مليء بالحياة البرية الجميلة.
وبعيداً قليلاً نحو الجنوب الشرقي، تأتي بحيرة قارون كواحدة من أقدم البحيرات الصناعية بالعالم والتي يعود تاريخ بنائها إلى العام 46 قبل الميلاد خلال عهد البطالمة. كانت مدار بحث وانتباه المؤرخين القدماء بسبب أحوال المياه المتحولة فيها بين الجفاف والتدفق المائي العظيم بشكل دوري وغير منتظم. رغم ذلك، ظلت مصدر رزق مهم للمزارعين وصيد الأسماك منذ القدم وحتى يومنا الحالي.
بالإضافة لهذه الأمثلة البارزة، تحتضن مصر مجموعة أخرى من البحيرات الصغيرة لكنها مثيرة للاهتمام بما يكفي للاستحقاق الذكر مثل بحيرتي مريوط وبحيرة المنزلة في شمال شرق الدلتا وحوض القطارة جنوب غرب الفيوم. كل منها لها قصة خاصة بها تتعلق بالتاريخ والتراث الثقافي والبيئة المحلية.
عند النظر إلى الماضي والإشعاع الحالي لسحر وإرث تلك البحيرات المصرية الرائعة، يمكننا تقدير مدى ارتباط الشعب المصري الشديد بجذوره وثرائه الطبيعي وحكمة أسلافه. إن حماية واستدامة مواردنا المائية أمر ضروري للحفاظ على تراثنا الثمين وضمان مستقبل أكثر ازدهارا لأجيال المستقبل.
