تُعدّ رحلة حمل المرأة إحدى أكثر التجارب طبيعية ورائعة التي تمر بها الأنثى بشكل عام. خلال هذه الفترة، تحدث تغيرات عديدة في جسم الأم لتلبية احتياجات الجنين المتنامي. أحد أهم التغيرات هو إنتاج الحليب استعداداً لرضاعة الصغير بعد الولادة مباشرةً. يعود تاريخ بدء هذا الإنتاج إلى مرحلة مبكرة جدًا في الحمل، وذلك وفقًا لما تشير إليه الدراسات العلمية.
عادة ما يُطلق على عملية بناء غدد الثدي والإعداد لإدرار الحليب اسم "الاستجابة الهرمونية"، والتي تبدأ عادة حوالي الأسبوع الرابع عشر من الحمل، عندما يصل مستوى هرمون البروجسترون إلى ذروته ويبدأ في الانخفاض التدريجي مع نهاية الثلث الأول من الحمل. ومع ذلك، فإن الغدد الصماء المسؤولة عن إفراز اللبن لا تصبح فعالة تمامًا إلا في وقت لاحق، عادة بالقرب من نهاية الشهر الخامس أو بداية الشهر السادس للحمل.
إن فهم كيفية عمل الجسم خلال هذه العملية له أهميته القصوى ليس فقط للأمهات المستقبليات ولكن أيضًا لعائلتيهن وأطبائهن الذين يمكنهم تقديم الدعم الأنسب والتوجيه المناسب أثناء تلك الفترة الحرجة والمباركة من حياتهن. وبالتالي، فإن معرفة متى يتم إنشاء بيئة خصبة بإمكانها دعم إمدادات جيدة من الحليب تعد خطوة أساسية لفهم دورة الحياة الطبيعية للطفل حديث ولادته والعناية الصحية العامة بالأمومة الحديثة.
جديرٌ بالذكر هنا أنه حتى وإن بدأ إنتاج الحليب منذ مراحل مبكرة نسبيًا، فإن كمية قليلة جدًّا ستظهر بالفعل قبل الولادة ويمكن اعتبارها سائل نقي يسمى "الكولوستروم" والذي يحمل قيمة غذائية عالية للغاية وقد يساعد الجهاز الهضمي للطفل الجديد على العمل بكفاءة فور خروجه للعالم الخارجي. يبقى إذن تنظيم النظام الغذائي للمرأة الحامل وممارسة الرياضة الخفيفة تحت اشراف مختصين أمرًا ضروريًا لاستمرار الصحة العامة والأداء المثالي لجسد الأم خلال شهور تحمل طفلها القادم بكل سعادة وحب.